للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صلّى الله عليه وسلّم، وجاءت مدائحهم النبوية دفاعا عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وإشادة بعظمته، ودعوة لنصرة الإسلام ومقاتلة أعدائه، وللجهاد في سبيل الله. وقدّمت القدوة والمثل من جهاد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وصحبه، وشجاعتهم وصبرهم ومجالدتهم، إضافة إلى التشفّع برسول الله صلّى الله عليه وسلّم وطلب نصرته.

[الصراع الداخلي:]

إذا كانت قضايا السياسة الخارجية الناتجة عن علاقة العرب المسلمين بغيرهم- وهي علاقة قتال وحرب وغزو- قد دفعت الشعراء إلى مدح الرسول الكريم والتشفع به، وطلب مدده وعونه. فإن قضايا السياسة الداخلية قد تضافرت معها على تقوية هذا التوجه نحو المدح النبوي. فالمماليك استأثروا بالسلطة، ولم يتركوا منها لرعيتهم العرب إلا بقدر ما يحتاجون إليه، فتألّم العرب من ذلك لاعتقادهم بأنهم أحق من المماليك بالملك، فهم أصحاب البلاد، ومنهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

وإلى جانب ذلك كان كثير من سلاطين المماليك وأمرائهم مستبدّين، يأخذون المرء بأدنى جريرة أو دونها. ولذلك كان العرب الذين ابتعدوا قليلا عن القبضة المملوكية- أو (العربان) كما كان المؤرخون يطلقون عليهم- يثورون الثورة تلو الثورة، معبرين عن سخطهم على حكم غريب عنهم وعن بلادهم.

وكان العرب يعبرون عن هذا الشعور بالتفافهم حول آل البيت، مازجين الشعور السياسي بالشعور الديني، فال البيت عرب وهم قريبون من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأصحاب حق بالسلطة، وهو ما صرّح به حصن الدين ثعلب بن يعقوب حين قاد ثورة كبيرة ضد المماليك بقوله «نحن أحقّ بالملك من المماليك» «١» .


(١) المقريزي: البيان والإعراب ص ١٠، و ٣٧ ص.

<<  <   >  >>