للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مكانك من قلبي وعيني كلاهما ... مكان السّويدا من فؤادي وأقرب

وذكرك في نفسي وإن شفّها الظّما ... ألذّ من الماء الزّلال وأعذب «١»

بل وصل عندهم حب النبي إلى الحد الذي يمتزج فيه بدمائهم، مثلما قال الوتري:

دماء مزجناها بحبّ محمّد ... وأكبادنا من شوقه تتوقّد «٢»

فهذا الشوق وهذا الحب الذي يبديه شعراء المدائح النبوية للرسول هو شعور ديني، يظهر تعلق المسلمين برسولهم الكريم، ويظهر مكانته عندهم، فهو أغلى ما في الوجود لديهم، وهو أملهم في حياتهم ومماتهم، ولو لم يكن على هذا القدر من الكمال والسّمو لما تعلق به الناس بعد موته، ولما حاز إعجاب غير المسلمين واحترامهم، مثلما حاز وجد المسلمين به وتقديسهم له.

[فضائله:]

أخذ شعراء المديح النبوي يتغنون بفضائله، وبمقامه السامي عند ربه، ويمزجون ذلك بمشاعر الود له، مثلما قال ابن العطار:

المصطفى أعلى البريّة منصبا ... قد جلّ في العلياء ذاك المنصب

حاز السّيادة والكمال محمّد ... فإليه أشتات المحامد تنسب

محبوبنا ونبيّنا وشفيعنا ... يدني إلى روض الرّضا ويقرّب «٣»

واستمر الشعراء الذين مدحوا الرسول يذكرون فضائله، ويظهرون انبهارهم بسمو قدره، وإيمانهم بنبوته ورسالته، وتعلّقهم بذاته الكريمة، ويعرضون مواهب الله له.


(١) السخاوي: الضوء اللامع ١/ ٣٤٧.
(٢) الوتري: معدن الإفاضات ص ٢٠٢.
(٣) المجموعة النبهانية: ١/ ٤٣٩.

<<  <   >  >>