للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أبدى شعراء المدائح النبوية تنوعا كبيرا في بيان فضائل الرسول الكريم، وكل منهم يهتمّ بجملة من الفضائل التي تؤيد توجهه الديني، فالمتصوفة مثلا اهتموا بالغيبيات في شخصية النبي الأمين وبزهده الذي هو ركيزة التصوف، والذي يظهر أن رسول الله كان مهيّأ لحمل الرسالة، وفي ذلك قال البوصيري:

ألف النّسك والعبادة والخل ... وة طفلا وهكذا النّجباء

وإذا حلّت الهداية قلبا ... نشطت في العبادة الأعضاء «١»

وطفق شعراء المديح النبوي يبحثون عن فضائل رسول الله ليدرجوها في مدائحهم له، وليذكّروا الغافلين بها، إلى جانب الكتب الكثيرة التي ألّفت في مناقب الرسول الكريم وفضائله، مثل كتاب عجالة الراكب الذي جاء فيه الحديث التالي: عن فضائل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «في الصحيحين من حديث جابر بن عبد الله أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: أعطيت خمسا لم يعطهنّ أحد قبلي، نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيّما رجل من أمتي أدركته الصلاة، فليصل، وأحلّت لي الغنائم، ولم تحلّ لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة» «٢» .

وقد تعلّق مدّاح النبي الكريم بهذا الحديث الشريف وأمثاله، فنظموها في قصائدهم، مثل قول الشهاب محمود في الحديث السابق:

والله خصّك في الأنام بخمسة ... لم يعطها بشر سواك رسولا

حلّ الغنائم في الجهاد ولم تزل ... للنّار يوم تقرّب مأكولا

والأرض أجمع مسجد وترابها ... طهر يبيح الفرض والتّنفيلا


(١) ديوان البوصيري: ص ٥٢.
(٢) ابن الزملكاني: عجالة الراكب، ورقة ٨٨، والحديث في فتح الباري: ٢/ ٧٩.

<<  <   >  >>