للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القصّاصين الذين تزيّدوا في أمور الدين ليرضوا خيال العامة، وليزيدوا من الترغيب والترهيب. ومنهم من قبل هذه المعجزات جميعها، وحرص على نسبتها إلى رسول الله لأن مكانة رسول الله عند ربه، وعلو قدره، تتيح له أن تظهر المعجزات المختلفة على يديه.

وقد حفلت كتب السيرة عامة، والمتأخّرة منها خاصة، بالمعجزات المختلفة التي لا تعلي قدر رسول الله، ولا تزيد من كرامته، فمقامه السامي ليس بحاجة إلى مثل هذه المعجزات ليعرفه الناس، وليتسع بها المؤلفون والمادحون اتساعا كبيرا، فقيل في ذلك:

«كان له عليه الصلاة والسلام كرامات ومعجزات في حياته وقبل مولده، وبعد موته» «١» .

فمن المعجزات التي أطنب المؤلفون في ذكرها، واتسع المادحون في نظمها، المعجزات التي ظهرت عند مولد النبي، ومنها «احتباس الشياطين ورجمها، وانشقاق إيوان كسرى، وخمود نار فارس، وغيض بحيرة ساوة، وسجود الكعبة نحو مقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وتساقط الأصنام» «٢» .

أخذ البوصيري هذه المعجزات ونظمها، فقال:

يوم تفرّس فيه الفرس أنّهم ... قد أنذروا بحلول البؤس والنّقم

وبات إيوان كسرى وهو منصدع ... كشمل أصحاب كسرى غير ملتئم

والنّار خامدة الأنفاس من أسف ... عليه والنّهر ساهي العين من سدم

وساء ساوة أن غاضت بحيرتها ... وردّ واردها بالغيظ حين ظمي «٣»


(١) السهيلي: الروض الأنف ٢/ ٣٧٤.
(٢) الديار بكري، حسين: تاريخ الخميس ص ٢٠٠.
(٣) ديوان البوصيري: ص ٢٤٢.

<<  <   >  >>