للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والله تعالى حث على الصلاة على نبيه، فصلّى عليه «١» ، والرسول الأمين نفسه حث على ذلك، لهذا حرص المسلمون على الصلاة والسلام عليه، واتخذت الصلاة على النبي في ذلك العصر وجوها شتى، وجعلها المتصوفة درجات وأنواعا، واتخذوها وسيلة لرؤيا النبي في نومهم، فكان لذلك صداه في المدائح النبوية، التي حفلت بالصلاة على النبي في ثناياها، وخاصة في خاتمتها.

ويظهر أن علماء الدين جعلوا التوسل بالنبي مسألة خلافية، أقره معظمهم، وأنكره بعضهم، فشغلوا به، وراح كل فريق يبحث عمّا يثبت رأيه، فذهب المؤيدون للتوسل بالنبي إلى أبعد الحدود في اندفاعهم لتأكيد هذه المسألة، فقال قائلهم: «لقد أثبت العلماء في مؤلفاتهم القيامة، التوسل بالنبي صلّى الله عليه وسلّم قبل وجوده وبعد وجوده في الدنيا، وبعد موته مدة البرزخ، وبعد البعث في عرصات القيامة» «٢» .

وأيّد الغزالي الرأي الذي يثبت الشفاعة والتوسل، ويدعو إلى التشفع برسول الله صلّى الله عليه وسلّم والأنبياء جميعهم، بالإضافة إلى العلماء والصالحين، فقال في ذلك: «اعلم أنه إذا حقّ دخول النار على طوائف من المؤمنين، فإن الله تعالى بفضله يقبل فيهم شفاعة الأنبياء والصديقين، بل شفاعة العلماء والصالحين، وكل من له عند الله جاه وحسن معاملة، فإن له شفاعة في أهله وقرابته وأصدقائه ومعارفه» «٣» .

وعلى هذا الرأي جمهور المسلمين الذين يجيزون التشفع برسول الله، عملا بقوله تعالى: وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ «٤» .

وأنه تعالى قد منح رسوله الكريم حق الشفاعة يوم القيامة.


(١) في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ....
(٢) اللفاني: كشف الكروب ص ١٠.
(٣) الغزالي: إحياء علوم الدين ١٦/ ٥٤.
(٤) سورة المائدة: آية ٣٥.

<<  <   >  >>