للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه صلاة نشرها طيّب كما ... يحبّ ويرضى ربّنا لمحمّد «١»

ويظهر أن الناس في ذلك الوقت قد صنعوا أمثلة لنعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وتناقلوها في الأمصار الإسلامية، ليتبرّكوا بها ويشبعوا حنينهم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعهده المبارك، وفضولهم إلى معرفة شكل الأشياء التي كان يستعملها النبي الأمين، وكانت هذه الأمثلة تثير كوامن نفوس الشعراء، فينظمون فيها الشعر الذي يظهرون فيه مشاعرهم الدينية، ومحبتهم الكبيرة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

وانتشر الحديث شعرا عن النعل النبوي الشريف في المغرب العربي خاصة، فاتخذه الشعراء وسيلة لإظهار عواطفهم الدينية، وتوطئة لمدح صاحب النعل، فزادوا بذلك معاني المدحة النبوية، وحرّكوا مضمونها، فأكثروا من نظم القصائد التي تتحدث عن نعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومن يطالع كتاب (أزهار الرياض) يجد ما يوازي ديوانا كاملا من القصائد التي يشيد فيها أصحابها بالنعل النبوي، ويظهرون تقديسهم لها.

وقد أوسع ابن فرج السبتي «٢» نعل النبي نظما، فأنشأ فيها قطعا على حروف المعجم في لزوم ما لا يلزم، سمّاها القطع المخمسة، كل قطعة خمسة أبيات، وهي في مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، يفتتحها بالحديث عن نعل النبي، ومنها قوله:

أتمثال نعل كان يلبسها الذي ... إذا غدت الأرسال ليس له كفء

أبو القاسم الأسمى الذي وطئ السّما ... بأخمصه ليلا فشرّفها الوطء

أقبّل في طرس حواك كأنّني ... عليل وفي تقبيل شكلك لي البرء «٣»

وهكذا حرص مدّاح النبي صلّى الله عليه وسلّم على ذكر كل ما يتعلق به في مدائحهم النبوية،


(١) الصفدي: الوافي بالوفيات ٤/ ٢١٨.
(٢) محمد بن فرج السبتي، فقيه من أعلام سبتة في القرن الثامن الهجري المقري: أزهار الرياض ١/ ١٤٦.
(٣) المقري: نفح الطيب ٣/ ٢٢٨.

<<  <   >  >>