للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخلائق كتّاب، لما استطاعوا أن يجمعوا النزر اليسير من بعض صفاته، ولكلّوا عن الإتيان ببعض بعض وصف معجزاته صلّى الله عليه وسلّم» «١» .

فالأبشيهي استعار المعنى القرآني والتعبير القرآني، الذي قرّب به الله عز وجل إلى أذهاننا عدد كلماته، وصرفه إلى الحديث عن فضل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعجز الناس عن مدحه.

ووصل ابن حجر في هذه المسألة إلى ما يشبه الفرض، وجعلها «ممّا يتعين على كل مكلف أن يعتقد أن كمالات نبينا صلّى الله عليه وسلّم لا تحصى، وأن أحواله وصفاته وشمائله لا تستقصى، وأن خصائصه ومعجزاته لم تجتمع قط في مخلوق ... وأن المادحين لجنابه العلي، والواصفين لكماله الجلي لم يصلوا إلا إلى أقل من كلّ لا حدّ لنهايته، وغيض من فيض لا وصول إلى غايته» «٢» .

وإذا ترسّخت هذه القناعة في نفوس الشعراء، فكيف يكون مدحهم لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وإلى أي مدى يصلون فيه، وهذا الميدان تكلّ فيه فرسان البديهة والروية؟

وقد أخذ الشعراء يضمنّون مدائحهم النبوية معاني العجز عن الوصول بمدحه إلى الكمال أو ما يقرب من الكمال. فقال الشهاب محمود في ذلك:

ماذا يقول النّاس في وصف من ... أنزل فيه الله طه ونون

الأمر فوق الوصف لكنّه ... يمدح كي يسمو به المادحون «٣»

وقال الصفي الحلي في مدحة نبوية مقتربا من المعنى القرآني:


(١) الأبشيهي: المستظرف ١/ ٢٣٠.
(٢) ابن حجر: المنح المكية ص ٢.
(٣) المجموعة النبهانية: ٤/ ٢٩٨.

<<  <   >  >>