للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبالإضافة إلى الاهتمام بالحج، والاحتفال بمواكبه، فإن المماليك حرصوا على الاحتفالات الدينية المختلفة من الأعياد الدينية والمواسم المقدسة، إلى المولد النبوي الذي احتفل له المماليك احتفالا عظيما، يليق بصاحب المناسبة، وشاركوا به إلى جانب جميع فئات الشعب، مضفين عليه العظمة والفخامة، موسعين على الفقراء والمحتاجين، فتقام الولائم، ويقرأ القرآن الكريم، وتنشد قصائد المديح النبوي.

فالمولد النبوي مناسبة هامة لنظم المدائح النبوية، فهي تذكّرهم بعظمة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وفضله على أمته، وتثير فيهم الاحتفالات الدينية مشاعر المحبة للنبي الكريم، فتنثال المدائح على ألسنتهم، فالشعراء كانوا يحضّرون القصائد لينشدوها في هذه المناسبة وكان يطلق على هذه المدائح النبوية اسم (مولدية) ، ومنها قصيدة لصفي الدين الحلي «١» ، يقول فيها:

خمدت لفضل ولادك النّيران ... وانشقّ من فرح بك الإيوان

فوضعت لله المهيمن ساجدا ... واستبشرت بظهورك الأكوان «٢»

يضاف إلى ذلك اهتمام الناس في عهد المماليك بكل ما يتعلق برسول الله بسبب، وتعلق المسلمين عامة منذ القدم بكل ما يمت لرسول الله بصلة، فابن جبير «٣» يذكر في رحلته أنه «بني على موضع مولد النبي صلّى الله عليه وسلّم مسجدا لم ير أحفل بناء منه، والموضع المقدس الذي سقط فيه صلّى الله عليه وسلّم ساعة الولادة السعيدة المباركة، التي جعلها الله رحمة للأمة أجمعين، محفوف بالفضة ... يفتح هذا الموضع المبارك، فيدخله الناس كافة متبركين


(١) صفي الدين الحلي: عبد العزيز بن سرايا بن نصر، شاعر مجيد، له ديوان شعر ومؤلفات، ت (٨١٠ هـ) . ديوان ص ٨.
(٢) ديوان صفي الدين الحلي ص ٧٩.
(٣) ابن جبير الكناني: محمد بن أحمد بن جبير الكناني البلنسي، عالم بالحديث، حج ورحل إلى المشرق مرتين، وتقدم في صناعة النظم والنثر، تزهد وتوفي سنة (٦١٤ هـ) . ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب ٥/ ٤٠.

<<  <   >  >>