للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تظهر قدرة الباري- عز وجل- على إحياء الميت من الأرض، وآياته في تنويع الخلق، وهذا ما أوضحه الصرصري في تقديمه لإحدى نبوياته، حين قال:

خطّ الرّبيع بأقلام التّباشير ... رسالة كتبت بالنّور والنّور

حيّا البقاع الحيا فاهتزّ هامدها ... لمّا أتتها يد البشرى بمنشور

والورق تهتف في الأوراق شاكرة ... إحسان مبتدئ بالفضل مشكور

وقد فهمنا لهذا الفضل ترجمة ... إنّ المهيمن يحيي كلّ مقبور «١»

أما الصفي الحلي، فإنه اقتصر في تقديمه لمدائحه النبوية على وصف الطبيعة فقط، فأظهر براعة في وصف مظاهر الطبيعة المشرقة التي تجذب اهتمام السامع، وتجعله يتابع الشاعر باهتمام، ويتفكّر في خلق الله، وتنتشي نفسه بالمظاهر التي تبعث على السرور والنشاط، فإذا وصل الشاعر إلى المديح النبوي، وجد سامعيه على استعداد لمتابعته بنشاط وتحفّز، فقال:

فيروزج الصّبح أم ياقوتة الشّفق ... بدت فهيّجت الورقاء في الورق

وفاح من أرج الأزهار منتشرا ... نشر تعطّر منه كلّ منتشق

كأنّ ذكر رسول الله مرّ بها ... فأكسبت أرجا من نشره العبق «٢»

وقد نحا ابن فضل الله العمري «٣» هذا المنحى في التقديم لمدحته النبوية، مضيفا إلى وصف الطبيعة شيئا من المشاعر الإنسانية، فقال:


(١) ابن شاكر: فوات الوفيات ٤/ ٣١٠.
(٢) ديوان الصفي الحلي: ص ٨٣.
(٣) ابن فضل الله العمري: أحمد بن يحيى القرشي، مؤرخ حجة في معرفة الممالك والمسالك، إمام في الترسل عارف بأخبار رجال عصره، عاش في دمشق، من مؤلفاته (مسالك الأبصار) وله شعر رقيق منه (صبابة المشتاق في المدائح النبوية) ، توفي سنة (٧٤٩ هـ) . ابن شاكر: فوات الوفيات ١/ ١٥٧.

<<  <   >  >>