للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالشاعر يشرع في ذكر حاله وذنوبه، ويتحسر على مضي العمر في الغواية، فلا يجد مهربا من ذنوبه إلا استغفار الله تعالى والتشفع برسوله الكريم، مثلما قال البوصيري في افتتاح إحدى مدائحه النبوية.

وافاك بالذّنب العظيم المذنب ... خجلا يعنّف نفسه ويؤنّب

لم لا يشوب دموعه بدمائه ... ذو شيبة عوراتها ما تخضب

يستغفر الله الذّنوب وقلبه ... شرها على أمثالها يتوثّب

ضاقت مذاهبه عليه فما له ... إلّا إلى حرم بطيبة مهرب «١»

ويفتتح الصرصري إحدى مدائحه النبوية بالتحسر على عمره الذي أمضاه في المعاصي، ويتذكر يوم الحساب فلا يجد من يتشفع به غير رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ويدعو إلى التوبة قبل الممات، وبالتفكر في خلق الله، فيقول:

قم فبادر من قبل رفع النّعوش ... حلبة السّبق ذا إزار كميش

وتدبّر خلق السّماء ففيها ... عبر جمّة لذي التّفتيش

وتفكّر في خلقة الأرض تنظر ... عجبا في مهادها المفروش «٢»

ويكثر الشعراء في مقدماتهم الوعظية للمدائح النبوية من ذكر الموت الذي يبعث في النفوس الخشية والرهبة، ويحثها على ترك المعاصي، والمبادرة إلى التوبة واستغفار الله تعالى، فيخرجون ذكرهم للموت مخرج الحكم والمواعظ.


(١) ديوان البوصيري: ص ٨٩.
(٢) ديوان الصرصري، ورقة ٥٠.

<<  <   >  >>