للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في روضة تعانقت أغصانها ... إذا وصلت ما بينها ريح الصّبا

ثم مدح فقال:

تالله لا أعبا بعيش قد مضى ... ولا زمان قد تعدّى وعتا

مذ علقت كفّى بالهادي الذي ... ساد الورى طفلا وكهلا وفتى

ثم تحدث عن الأخلاق فقال:

لا أسأل النّذل ولو أنّي به ... أملك ما حاز النّهار والدّجا

لكن إذا اضطرّ زمان جائر ... أمّلت من ليس يردّ من رجا «١»

وهكذا ينتقل في مقصورته من موضوع إلى موضوع، ويدرج في أثنائها المديح النبوي، وكأنه جمع عدة قصائد في قصيدة واحدة، فجاءت متفردة في بابها، موضوعا وشكلا، على الرغم من التزامه بقيود فرضها على نفسه سلفا.

ومن القصائد التي تميزت في شكلها الشعري بفضل مضمونها، القصائد التي نظمها أصحابها وسيلة يتوسلون بها رسول الله تعالى، أو القصائد التي نظمت كلها صلاة على النبي، فهذه القصائد لا تحتاج إلى مقدمة أو خاتمة، أو غير ذلك مما هو معروف في شكل القصيدة المدحية العربية، مثل قصيدة البوصيري، التي مرت معنا وسماها (القصيدة المضرية في الصلاة على خير البرية) .

فالوسيلة لون من ألوان المديح النبوي أو من الأوراد والأدعية التي ينظمها المتصوفة لينشدوها في مجالسهم ومحافلهم. ومثل ذلك القصيدة المحمدية للبوصيري، وهي مدح لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، بدأ كل شطر من أشطرها بكلمة (محمد) ، فلا يتبين لها أجزاء ولا


(١) المقري: نفح الطيب ٧/ ٣٠٩.

<<  <   >  >>