للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بانت سعاد فأمسى القلب معمودا ... وأخلفتك ابنة الحرّ المواعيدا «١»

وأشهر قصيدة للبوصيري (البردة) ، تبدو للمتمعن أن صاحبها استأنس عند نظمها بميمية ابن الفارض في التشوق للمقدسات والوجد الصوفي، فأخذ بعض معانيها وعباراتها، ووزنها وقافيتها، وفيها يقول ابن الفارض:

هل نار ليلي بدت ليلا بذي سلم ... أم بارق لاح في الزّوراء فالعلم

يا سائق الظّعن يطوي البيد معتسفا ... طيّ السّجلّ بذات الشّيح من إضم

ناشدتك الله إن جزت العقيق ضحى ... فاقر السّلام عليهم غير محتشم «٢»

وقبل أن نعرض للمدائح النبوية التي عارض أصحابها بها مدائح نبوية سابقة، فأفادوا من شكلها ومعانيها، لا بد من الإشارة إلى معارضة شعراء المدائح النبوية لقصائد قديمة، وصرف المعارضة إلى المديح النبوي، مثلما فعل بعض مدّاح النبي حين شطروا قصائد قديمة، وصرفوا معانيها إلى المديح النبوي- كما مر معنا-.

وأكثر قصيدة من قصائد المدح النبوي عورضت، هي قصيدة كعب بن زهير في مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ويرجع ذلك إلى أسباب كثيرة، منها أنها قيلت في رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أثناء حياته، وأعجب بها، وأثاب عليها، فمعارضتها تقرّب الشاعر من أن تكون قصيدته مقبولة عند ممدوحه صلّى الله عليه وسلّم كما قال محي الدين بن عبد الظاهر «٣» :

لقد قال كعب في النّبيّ قصيدة ... وقلنا عسى في مدحه نتشارك

فإن شملتنا بالجوائز رحمة ... كرحمة كعب فهو كعب مبارك «٤»


(١) البغدادي، عبد القادر: حاشية على شرح بانت سعاد ص ١٦٩.
(٢) ديوان ابن الفارض ص ٦٧.
(٣) محيي الدين بن عبد الظاهر: عبد الله بن عبد الظاهر بن نشوان الجذامي المصري، الكاتب الشاعر، شيخ أهل الترسل وصاحب ديوان الإنشاء. توفي سنة (٦٩٢ هـ) . ابن شاكر: فوات الوفيات ٢/ ١٧٩.
(٤) الصفدي: الغيث المسجم ١/ ٢٧٥.

<<  <   >  >>