للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العصر كانت لهم مشاركة واسعة في الأدب وكثير منهم كان لهم ذوق كبير فيه، إلا أن بعضهم كانت تنقصه الموهبة الشعرية، ومع ذلك لا يريد أن يترك هذا اللون من النشاط الثقافي أسوة بغيره، أو إظهارا لمقدرته، أو لأنه يرى العلماء يثبتون علومهم على شكل قصائد شعرية، ليسهل حفظها، وربما فعل هو ذلك، فسهل عليه النظم الذي لا يتعدى إقامة الوزن واستجلاب القافية، وهؤلاء لا يحسنون الشعر، ولا يحسنون إقامة عموده، لطول اشتغالهم بالمسائل العلمية واختلاف ذوقهم عن ذوق الأدباء، إلا أنهم يريدون أن يفوزوا برضا الله تعالى ورضا رسوله الكريم، فمدحوا النبي صلّى الله عليه وسلّم وأظهروا معجزاته، ورووا سيرته في مدائحهم، فظهر أسلوبهم على شيء من المعاظلة والركاكة والضعف، بسبب قسرهم لطريقتم في الكتابة على أن تكون شعرا، وافتقارهم للأدوات الشعرية، مثل قول القلقشندي في مدحة نبوية:

عوّذت حبّي بربّ النّاس والفلق ... المصطفى المجتبى الممدوح بالخلق

إخلاص وجدي له والعذر يقلقني ... تبّت يدا عاذل قد جاء بالملق

يا عالي القدر رفقا مسّني ضرر ... فالله قد خلق الإنسان من علق

كم طارق منك بالإحسان يطرقني ... مثل البروج التي في أحسن الطرق

والقلقشندي محبّ قال سيرته ... في مدح خير الورى الممدوح بالخلق «١»

أيستقيم هذا الشعر مع مكانة القلقشندي العلمية، وخبرته في أساليب الكتابة العربية؟

وما كان أغناه وأغنى أمثاله عن مثل هذا الشعر وقد وصلت عدوى النظم إلى الشعراء الكبار الذي عرفوا بشاعريتهم الفياضة، وإجادتهم للمديح النبوي من أمثال


(١) المقري: نفح الطيب ٧/ ٣٢٨.

<<  <   >  >>