للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأقواله، فعند ما أراد شاعر مدح إنسان بالتواضع والانصياع للحق مع مكانته العالية، فإنه لم يجد مثلا لذلك أفضل من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال:

له حق وليس عليه حق ... ومهما قال فالحسن الجميل

وقد كان الرّسول يرى حقوقا ... عليه لغيره وهو الرّسول «١»

فكان الشعراء يذكّرون الناس بسنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وسيرته، ليتعظوا ويعودوا عما يخالفها، وهذا ما فعله الصفي الحلي حين حث السلطان على إقامة الحد على لصوص سرقوا ماله واحتموا بأحد نوابه، في قوله:

وكذاك خير المرسلين محمّد ... وهو الذي في حكمه لا يظلم

لمّا أتوه بعصبة سرقوا له ... إبلا من الصّدقات وهو مصمّم

لم يعف بل قطع الأكفّ وأرجلا ... من بعد ما سمل النّواظر منهم

ورماهم من بعد ذاك بحرّة ... نار الهواجر فوقها تتضرّم

ورجا أناس أن يرقّ عليهم ... فأبى وقال كذا يجازى المجرم

وكذا فتى الخطّاب قاد بلطمة ... ملكا لغسّان، أبوه الأيهم «٢»

إن الشاعر يذكر السلطان بسنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، الذي جعل الحق فوق كل العلاقات، ولم يراع في الله قرابة ومكانة، وغير ذلك ممّا يعز على النفس.

وتجاوز في أخذ القدوة لإقامة الأحكام الشرعية إلى الخليفة الفاروق، فالاقتداء برسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبصحابته أيضا.


(١) المبرد: الكامل ١/ ٣٢٢.
(٢) ديوان الصفي الحلي: ص ٦٨.

<<  <   >  >>