للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووصف مدحة نبوية له بقوله:

أتيتك يا خير البرايا بمدحة ... أطاعت قوافيها بغير تكلّف

عليها بهاء من ثنائك باهر ... شهيّ إلى قلب المحبّ المشغف «١»

لقد أسعفه المدح النبوي على النظم دون تكلّف وتصنّع، وبراحة تامة، فجاءت قصيدته جميلة، ترتاح إليها قلوب محبي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فالمدح النبوي يضفي على الشعر بهاء، ويحلّيه برونق ورواء، وحين ينظم الشاعر المدح النبوي يأتي شعره رائقا مهذبا بعيدا عن الصعوبة والمعاظلة، ليس فيه عويص:

إذا قيل فيك الشّعر جاء مهذّبا ... جليّ المعاني ليس فيه عويص

ووصفك يعطي الفهم نورا كأنّه ... على الدّرّ في البحر الخضمّ يغوص «٢»

وقارن الصرصري بين الشعر الذي يمدح به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والشعر الذي يمدح به غيره، فقال:

نظم القريض بمدح غيرك نقده ... زيف ونظم مديحك الإبريز

كلّ العروض بحسن مدحك كامل ... يحلّى به المقصور والمهموز «٣»

فالمدح النبوي عند الصرصري يحسّن الشعر ويجمّله، ويحثّ القريحة وينشّطها، ويجبر الشاعر على الارتقاء بشعره إلى سويّة هذا الموضوع.

أما ابن نباتة، فإنه يجعل نظم المدح النبوي مثل الصياغة، وهذا إعلاء لشأوها، وإظهار لأثرها في شعره، ولسويته الفنية التي توازي الذهب، فيقول:


(١) ديوان الصرصري: ورقة ٦٧.
(٢) المصدر نفسه: ورقة ٥٢.
(٣) المصدر نفسه: ورقة ٤٨.

<<  <   >  >>