للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السياسية سندا دينيا يؤيد حقها في الخلافة وهكذا ظهر اسم الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم وأقواله في أحاديث هذه الأحزاب، وفي شعر شعرائها.

وقد منع هذا الصراع المحتدم بين العرب من جهة، وبينهم وبين أعدائهم الخارجين من جهة ثانية الشعراء من أن يطيلوا التفكير في فنهم، ويلتقطوا أنفاسهم للنظر في هذا الفن، وتجديد مضمونه وأسلوبه، لكن دواعي الشعر القديمة عادت إلى الظهور بعد أن توارت في حياة الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم وفي معظم مدة الخلافة الراشدية، فعاد الشعر قريبا مما كان عليه أيام الجاهلية.

لكن هذا الأمر لم يمنع أن يسجل بعض الشعراء عواطفهم الدينية، ومحبتهم الخالصة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم وصاحب الفضل في تكوين هذه الأمة المنقسمة حول خلافته، فهؤلاء الشعراء لم ينحازوا إلى فئة معينة، لذلك لم يكن مديحهم لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم منطلقا من وجهة نظر حزب معين، ولا انتصارا لمذهب سياسي.

ومن ذلك قول النابغة الجعدي «١» الذي وفد على النبي الكريم، يذكر فضل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على أمته، وعليه خاصة:

حتى أتى أحمد الفرقان يقرؤه ... فينا وكنّا بغيب الأمر جهّالا

فالحمد لله إذ لم يأتني أجلي ... حتّى لبست من الإسلام سربالا

يا ابن الحيا إنّني لولا إلاله وما ... قال الرّسول لقد أنسيتك الخالا «٢»

ولم يكن النابغة الجعدي في معزل عن الحركة التي تحيط به، فعبّر عن استيائه مما يراه بقوله:


(١) النابغة الجعدي: قيس بن عبد الله بن عدس الجعدي، شاعر مخضرم صحابي من المعمرين، شهد صفين مع علي، توفي نحو (٥٠ هـ) . ابن سلام: طبقات فحول الشعراء ١/ ١٢٣.
(٢) شعر النابغة الجعدي ص ١٠١.

<<  <   >  >>