للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

و (وات) يعود إلى مسألة النمو التدريجي والضرورات المرحلية.. إلى آخره فيتصوّر أنّ محمدا صلى الله عليه وسلم لم يكن يعرف حتى أواخر العصر المكي، الأبعاد الحقيقة لدعوته، وأنها ليست لقريش وحدها أو للعرب وحدهم، وإنما للعالم جميعا.. ويغافل (وات) كما أغفل غيره من المستشرقين تلك المعطيات القرآنية التي كانت تؤكد منذ بدايات العصر المكي: عالمية الدعوة الإسلامية، وأن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يمكن أن يسيروا كالعميان- خطوة خطوة دون أن يملكوا مسبقا استشرافا شاملا لما يسعون لتحقيقه، ولا حتى للخطوات التالية التي يجب عليهم أن يقطعوها.. وإذا كان الزعماء العاديون يمتلكون رؤية مستقبليّة نافذة تتجاوز حدود الزمن الراهن، وتتحرك صوب أبعاده النائية وفق برنامج مرسوم.. أفلا يكون الأنبياء مبعوثو الله إلى العالم، قادرين على امتلاك هذه الرؤية، بل ممتلكين بإرادة الله ووحيه- زمامها منذ اللحظات الأولى!!

على أية حال فهذه هي الآيات القرآنية (المكية) التي تؤكد عالمية الدعوة الإسلامية منذ البدايات الأولى:

(أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ) «١» .

(وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) «٢» .

(وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) «٣» .

(تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) «٤» .


(١) الأنعام: ٩٠.
(٢) يوسف: ١٠٤.
(٣) الأنبياء: ١٠٧.
(٤) الفرقان: ١.

<<  <   >  >>