للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم يكن بينهم قتال إلا الحصار، والرمي بالنبل، وهم- عليه السلام- أن يعطي أمير «غطفان «١» » ثلث ثمار المدينة؛ فيرجعوا عنهم، وكتب الكتاب، ولم يبق إلا إيقاع الشهادة، فشاور في ذلك «سعد بن معاذ» - رضي الله عنه- و «سعد بن عبادة» رضي الله عنه فقالا: «لا نعطيهم إلا السيف «٢» . ثم إن الله- تعالى- كفاه عدوه، وأرسل عليهم ريحا في ليال شاتية شديدة البرد، فاقتلعت أبنيتهم، فارتحلوا هرابا من ليلتهم، وتركوا كل ما استثقلوه من أمتعتهم، ولم تكن الريح تجاوز معسكرهم شبرا، فانصرف/ عليه السلام يوم الأربعاء «٣» لسبع ليال بقين من ذي القعدة، وقال: «لن تغزوكم قريش بعد عامكم هذا؛ ولكنكم تغزونهم «٤» » .


(١) حول اشتداد البلاء على المسلمين، وهم الرسول صلى الله عليه وسلّم بإعطاء أمير «غطفان» ... إلخ. قال ابن إسحاق كما جاء في سيرته المختصرة، من سيرة ابن هشام ص ١٦٩: «فلما اشتد على الناس البلاء، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى «عيينة ... » وإلى «الحارث ... » وهما قائدا «غطفان» ، فأعطاهما ثلث ثمار المدينة؛ على أن يرجعا بمن معهما عنه، وعن أصحابه؛ فجرى بينه وبينهما الصلح، حتى كتبوا الكتاب، ولم تقع الشهادة، ولا عزيمة الصلح، إلا المراوضة في ذلك. فلما أراد الرسول صلى الله عليه وسلّم أن يفعل بعث إلى «سعد بن معاذ» و «سعد بن عبادة» فذكر لهما ذلك، واستشارهما فيه، فقال له: «يا أمرا تحبه فنصنعه لك، أم شيئا أمرك الله به لابد لنا من العمل به، أم شيئا تصنعه لنا؟ قال: بل شيء أصنعه لكم ... » . انظر: بقية الحوار في السيرة النبوية لابن هشام-» اه-: سيرة ابن إسحاق. إعداد محمد عفيف الزعبي. وانظر: (مغازي الواقدي) ٢/ ٤٧٧- ٤٧٨.
(٢) هذا قول ابن سعد انظره في (الطبقات) ٢/ ٢٨. وقال الإمامان القسطلاني والزرقاني في (المواهب اللدنية وشرحها) ٢/ ١٢٦:
(٣) « ... وانصرف صلى الله عليه وسلّم من غزوة الخندق يوم الأربعاء ... » قاله ابن سعد. وهو مخالف لقول ابن إسحاق فلما انصرف، ثم هو ظاهر على أن «الخندق» في القعدة، وكذا على أنه في شوال؛ لأن المراد ابتداء حفره، فلا ينافى استمرار ما تعلق به إلى الوقت المذكور، وكان قد أقام بالخندق محاصرا خمسة عشر يوما، فيما جزم بن ابن سعد، والبلاذري. وقال الواقدي: «إنه أثبت الأقوال. وقيل: أربعة وعشرين يوما، كما رواه «يحيى بن سعيد» ، عن «ابن المسيب» . وروى الزهري عنه بضع عشرة ليلة، ويمكن أن يفسر بخمسة شهر؛ كما أنه يحتمل تفسير قول ابن إسحاق بضعا وعشرين ليلة من قريبا من شهر بالأربعة وعشرين. وعند الواقدي عن جابر: «عشرين يوما» . وفى الهدى شهر» اه-: المواهب اللدنية وشرحها.
(٤) أثر «لن تغزوكم ... إلخ» بحثت عنه في كتب السنة المتوافرة لدي، فلم أصل إليه؛ ولكن-

<<  <   >  >>