للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ: كُنْتُ أَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاخْتَبَأْتُ مِنْهُ، فجاءنى فحطانى حطوة أو حطوتين «١» وَأَرْسَلَنِي إِلَى مُعَاوِيَةَ فِي حَاجَةٍ، فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ يَأْكُلُ، فَقُلْتُ: أَتَيْتُهُ وَهُوَ يَأْكُلُ، فَأَرْسَلَنِي الثَّانِيَةَ فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ يَأْكُلُ، فَقُلْتُ:

أَتَيْتُهُ وَهُوَ يَأْكُلُ، فَقَالَ: لَا أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ.

وَقَدْ رَوَى البيهقى عن الحاكم عن على بن حماد عَنْ هِشَامِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ أَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ فإذا رسول الله قَدْ جَاءَ فَقُلْتُ: مَا جَاءَ إِلَّا إِلَيَّ، فذهبت فاختبأت على باب، فجاء فحطانى خطوة وَقَالَ: اذْهَبْ فَادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ- وَكَانَ يَكْتُبُ الْوَحْيَ- قَالَ: فَذَهَبْتُ فَدَعَوْتُهُ لَهُ فَقِيلَ: إِنَّهُ يَأْكُلُ، فَأَتَيْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: إِنَّهُ يَأْكُلُ، فَقَالَ: اذْهَبْ فَادْعُهُ لِي، فَأَتَيْتُهُ الثَّانِيَةَ، فَقِيلَ إِنَّهُ يَأْكُلُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ الله فأخبرته فقال فى الثانية: لَا أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ، قَالَ: فَمَا شَبِعَ بَعْدَهَا، قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا يَشْبَعُ بَعْدَهَا، وَوَافَقَتْهُ هَذِهِ الدَّعْوَةُ فِي أَيَّامِ إِمَارَتِهِ، فَيُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ فِي الْيَوْمِ سَبْعَ مَرَّاتٍ طَعَامًا بِلَحْمٍ، وَكَانَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَا أَشْبَعُ وَإِنَّمَا أَعْيَى، وَقَدَّمْنَا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ أَنَّهُ مَرَّ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ غُلَامٌ فَدَعَا عَلَيْهِ فَأُقْعِدَ فَلَمْ يَقُمْ بَعْدَهَا، وَجَاءَ مِنْ طُرُقٍ أَوْرَدَهَا الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ رَجُلًا حَاكَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَلَامٍ وَاخْتَلَجَ بِوَجْهِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُنْ كَذَلِكَ فَلَمْ يَزَلْ يَخْتَلِجُ «٢» وَيَرْتَعِشُ مُدَّةَ عُمُرِهِ حَتَّى مَاتَ.

وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ الحكم بن أبى العاصى، أَبُو مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَالَ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:

خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غزوة بَنِي أَنْمَارٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي الرَّجُلِ الَّذِي عَلَيْهِ ثَوْبَانِ قَدْ خَلِقَا، وَلَهُ ثَوْبَانِ فِي القنية، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلبسهما ثم


(١) الحطوة: الضرب باليد وهي مبسوطة الكفين.
(٢) يختلج: يتحرك ويضطرب.

<<  <   >  >>