للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَى مُتُونِ الْخَيْلِ. قَالُوا: الرّأْيُ مَا أَشَرْت بِهِ. قَالَ: فَلَمّا اعْتَرَضُوا الْفَجْرَ أَغَارُوا عَلَيْهَا فَقَتَلُوا مَنْ قَتَلُوا وَأَسَرُوا مَنْ أَسَرُوا، وَاسْتَاقُوا الذّرّيّةَ وَالنّسَاءَ، وَجَمَعُوا النّعَمَ وَالشّاءَ، وَلَمْ يَخْفَ عليهم أحد تغيّب فملأوا أيديهم. قال:

تقول جارية من الحىّ وهي تَرَى الْعَبْدَ الْأَسْوَدَ- وَكَانَ اسْمُهُ. أَسْلَمَ- وَهُوَ مُوثَقٌ: مَالَهُ هَبِلَ! هَذَا عَمَلُ رَسُولِكُمْ أَسْلَمَ، لَا سَلِمَ، وَهُوَ جَلَبَهُمْ عَلَيْكُمْ، وَدَلّهُمْ عَلَى عَوْرَتِكُمْ! قَالَ: يَقُولُ الْأَسْوَدُ: أَقْصِرِي يَا ابْنَةَ الْأَكَارِمِ، مَا دَلَلْتهمْ حَتّى قُدّمْت لِيُضْرَبَ عُنُقِي! قَالَ: فَعَسْكَرَ الْقَوْمُ، وَعَزَلُوا الْأَسْرَى وَهُمْ نَاحِيَةَ نُفَيْرٍ، وَعَزَلُوا الذّرّيّةَ وَأَصَابُوا مِنْ آلِ حَاتِمٍ [ (١) ] أُخْتَ عَدِيّ وَنُسَيّاتٍ مَعَهَا، فَعَزَلُوهُنّ عَلَى حِدَةٍ، فَقَالَ أَسْلَمُ لِعَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ: مَا تَنْتَظِرُ بِإِطْلَاقِي؟ فَقَالَ: تَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلّا اللهُ، وَأَنّ مُحَمّدًا رَسُولُ اللهِ.

قَالَ: أَنَا عَلَى دِينِ قَوْمِي هَؤُلَاءِ الْأَسْرَى، مَا صَنَعُوا صَنَعْت! قَالَ: أَلَا تَرَاهُمْ مُوثَقِينَ، فَنَجْعَلُك مَعَهُمْ فِي رِبَاطِك؟ قَالَ: نَعَمْ، أَنَا مَعَ هَؤُلَاءِ مُوثَقًا أَحَبّ إلَيّ مِنْ أَنْ أَكُونَ مَعَ غَيْرِهِمْ مُطْلَقًا، يُصِيبُنِي مَا أَصَابَهُمْ.

فَضَحِكَ أَهْلُ السّرِيّةِ مِنْهُ، فَأُوثِقَ وَطُرِحَ مَعَ الْأَسْرَى، وَقَالَ: أَنَا مَعَهُمْ حَتّى تَرَوْنَ مِنْهُمْ مَا أَنْتُمْ رَاءُونَ. فَقَائِلٌ يَقُولُ لَهُ مِنْ الْأَسْرَى: لَا مَرْحَبًا بِك، أَنْتَ جِئْتنَا بِهِمْ! وَقَائِلٌ يَقُول: مَرْحَبًا بِك وَأَهْلًا، مَا كَانَ عَلَيْك أَكْثَرُ مِمّا صَنَعْت! لَوْ أَصَابَنَا الّذِي أَصَابَك لَفَعَلْنَا الّذِي فَعَلْت وَأَشَدّ مِنْهُ، ثُمّ آسَيْت بِنَفْسِك! وَجَاءَ الْعَسْكَرُ وَاجْتَمَعُوا، فَقَرّبُوا الْأَسْرَى فَعَرَضُوا عَلَيْهِمْ الْإِسْلَامَ، فَمَنْ أَسْلَمَ تُرِكَ وَمَنْ أَبَى ضُرِبَتْ عُنُقُهُ، حَتّى أَتَوْا عَلَى الْأَسْوَدِ فَعَرَضُوا عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ، فَقَالَ: وَاَللهِ إنّ الْجَزَعَ مِنْ السّيْفِ لَلُؤْمٌ، وَمَا مِنْ خُلُودٍ! قَالَ: يَقُولُ رَجُلٌ من الحىّ ممّن أسلم: يا عجبا


[ (١) ] فى الأصل: «الخاتم» .