للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أَصْحَابِهِ غَدًا مُقَرّنِينَ فِي الْحِبَالِ! إرْجَافًا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ.

فَلَمّا رَحَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ثَنِيّةِ الْوَدَاعِ إلَى تَبُوكَ، وَعَقَدَ الْأَلْوِيَةَ وَالرّايَاتِ، فَدَفَعَ لِوَاءَهُ الْأَعْظَمَ إلَى أَبِي بَكْرٍ الصّدّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَرَايَتُهُ الْعُظْمَى إلَى الزّبَيْرِ، وَدَفَعَ رَايَةَ الْأَوْسِ إلَى أُسَيْدِ بْنِ الْحُضَيْرِ، وَلِوَاءَ الْخَزْرَجِ إلَى أَبِي دُجَانَةَ، وَيُقَالُ: إلَى الْحُبَابِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الْجَمُوحِ.

قَالُوا: وَإِذَا عَبْدٌ لِامْرَأَةٍ مِنْ بَنِي ضَمْرَةَ، لَقِيَهُ عَلَى رَأْسِ ثَنِيّةِ النّورِ، وَالْعَبْدُ مُتَسَلّحٌ. قَالَ الْعَبْدُ: أُقَاتِلُ مَعَك يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما أَنْتَ؟ قَالَ: مَمْلُوكٌ لِامْرَأَةٍ مِنْ بَنِي ضَمْرَةَ سَيّئَةِ الْمَلَكَةِ [ (١) ] قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ارْجِعْ إلَى سَيّدَتِك، لَا تَقْتُلْ مَعِي فَتَدْخُلَ النّارَ!

قَالَ: حَدّثَنِي رِفَاعَةُ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدّهِ، قَالَ: جَلَسْت مَعَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَذَكَرْنَا غَزْوَةَ تَبُوكَ، فَذَكَرَ أَنّهُ حَمَلَ لِوَاءَ مَالِكِ بْنِ النّجّارِ فِي تَبُوكَ فَقُلْت: يَا أَبَا سَعِيدٍ، كَمْ تَرَى كَانَ الْمُسْلِمُونَ؟

قَالَ: ثَلَاثُونَ أَلْفًا، لَقَدْ كَانَ النّاسُ يَرْحَلُونَ عِنْدَ مَيْلِ الشّمْسِ، فَمَا يَزَالُونَ يَرْحَلُونَ وَالسّاقَةُ مُقِيمُونَ حَتّى يَرْحَلَ الْعَسْكَرُ. فَسَأَلْت بَعْضَ مَنْ كَانَ بِالسّاقَةِ فَقَالَ: مَا يَرْحَلُ آخِرُهُمْ إلّا مَسَاءً، ثم نَرْحَلُ عَلَى أَثَرِهِمْ فَمَا نَنْتَهِي إلَى الْعَسْكَرِ إلّا مُصْبِحِينَ مِنْ كَثْرَةِ النّاسِ.

قَالُوا: وَتَخَلّفَ نَفَرٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، أَبْطَأَتْ بِهِمْ النّيّةُ عَنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تخلّفوا عنه من غير شكّ ولا ارتباب، منهم: كعب بن


[ (١) ] فى الأصل: «الملكة» . ويقال: فلان حسن الملكة، إذا كان حسن الصنع إلى مماليكه (الصحاح، ص ١٦١١) .