للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مَالِكٍ، وَكَانَ كَعْبٌ يَقُولُ: كَانَ مِنْ خَبَرِي حِينَ تَخَلّفْت عَنْ تَبُوكَ أَنّي لَمْ أَكُ قَطّ أَقْوَى وَلَا أَيْسَرَ مِنّي حِينَ [ (١) ] تَخَلّفْت عَنْهُ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ، وَاَللهِ، مَا اجْتَمَعَتْ لِي رَاحِلَتَانِ قَطّ حَتّى اجْتَمَعَتَا فِي تِلْكَ الغروة! فَتَجَهّزَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَجَهّزَ الْمُسْلِمُونَ مَعَهُ، وَجَعَلْت أَعْدُو لِأَتَجَهّزَ مَعَهُمْ فَأَرْجِعَ وَلَمْ أَقْضِ حَاجَةً، فَأَقُولُ فِي نَفْسِي: أَنَا قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ! فَلَمْ أَزَلْ يَتَمَادَى بِي حَتّى شَمّرَ بِالنّاسِ الْجِدّ، فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَازِيًا وَالْمُسْلِمُونَ، وَذَلِكَ يَوْمُ الْخَمِيسِ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبّ أَنْ يَخْرُجَ فِيهِ، وَلَمْ أَقْضِ مِنْ جَهَازِي شَيْئًا، فَقُلْت: أَتَجَهّزُ بَعْدَهُ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمّ أَلْحَقُ بِهِمْ. فَغَدَوْت بَعْدَ مَا فَصَلُوا أَتَجَهّزُ، فَرَجَعْت وَلَمْ أَفْعَلْ شَيْئًا، ثُمّ غَدَوْت فَلَمْ أَفْعَلْ شَيْئًا، فَلَمْ أَزَلْ يَتَمَادَى بِي حَتّى أَسْرَعُوا، وَتَفَارَطَ [ (٢) ] الْغَزْوُ، وَقُلْت: أَرْتَحِلُ فَأُدْرِكُهُمْ، وَيَا لَيْتَنِي فَعَلْت! وَلَمْ أَفْعَلْ، وَجَعَلْت إذَا خَرَجْت فِي النّاسِ فَطُفْت فِيهِمْ يُحْزِنُنِي أَلّا أَرَى إلّا رَجُلًا مَغْمُوصًا [ (٣) ] عَلَيْهِ فِي النّفَاقُ، أَوْ رَجُلًا مِمّنْ عَذَرَ اللهُ، وَلَمْ يَذْكُرْنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتّى بَلَغَ تَبُوكَ، فَقَالَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْقَوْمِ: مَا فَعَلَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ؟

فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ، حَبَسَهُ بُرْدَاهُ وَالنّظَرُ فِي عِطْفَيْهِ.

فَقَالَ لَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: بِئْسَمَا قُلْت! وَاَللهِ يَا رَسُولَ اللهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ إلّا خَيْرًا. وَالْقَائِلُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُنَيْسٍ، وَيُقَالُ: الّذِي رَدّ عَلَيْهِ الْمَقَالَةَ أَبُو قَتَادَةَ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ أَثْبَتُهُمَا عِنْدَنَا.

قَالَ هِلَالُ بْنُ أُمَيّةَ الْوَاقِفِيّ، حِينَ تَخَلّفَ عَنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم


[ (١) ] في الأصل: «من حين» .
[ (٢) ] فى الأصل: «وتعارط» ، والمثبت من ابن الأثير. وتفارط: أى فات وقته وتقدم.
(النهاية، ج ٣، ص ١٩٥) .
[ (٣) ] أى مطعونا فى دينه بالنفاق. (النهاية، ج ٣، ص ١٧١) .