للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ بِلَادِهِ، فَقَدْ عَرَفْت أَنّك خَالَفَتْنِي فِي الْغَدْرِ بِهِ، فَإِذَا كَانَ أَوَانُ الثّمَرِ جِئْنَا أَوْ جَاءَ مَنْ جَاءَ مِنّا إلَى ثَمَرِهِ فَبَاعَ أَوْ صَنَعَ مَا بَدَا لَهُ، ثُمّ انْصَرَفَ إلَيْنَا فَكَأَنّا لَمْ نَخْرُجْ مِنْ بِلَادِنَا إذَا كَانَتْ أَمْوَالُنَا بِأَيْدِينَا، إنّا إنّمَا شَرُفْنَا عَلَى قَوْمِنَا بِأَمْوَالِنَا وَفِعَالِنَا، فَإِذَا ذَهَبَتْ أَمْوَالُنَا مِنْ أَيْدِينَا كُنّا كَغَيْرِنَا مِنْ الْيَهُودِ فِي الذّلّةِ وَالْإِعْدَامِ. وَإِنّ مُحَمّدًا إنْ سَارَ إلَيْنَا فَحَصَرَنَا فِي هَذِهِ الصّيَاصِي يَوْمًا وَاحِدًا، ثُمّ عَرَضْنَا عَلَيْهِ مَا أَرْسَلَ بِهِ إلَيْنَا، لَمْ يَقْبَلْهُ وَأَبَى عَلَيْنَا. قَالَ حُيَيّ: إنّ مُحَمّدًا لَا يَحْصُرُنَا [إلّا] [ (١) ] إنْ أَصَابَ مِنّا نُهْزَةً، وَإِلّا انْصَرَفَ، وَقَدْ وَعَدَنِي ابْنُ أُبَيّ مَا قَدْ رَأَيْت. فَقَالَ سَلّامٌ: لَيْسَ قَوْلُ ابْنِ أُبَيّ بِشَيْءٍ، إنّمَا يُرِيدُ ابْنُ أُبَيّ أَنْ يُوَرّطَك فِي الْهَلَكَةِ حَتّى تُحَارِبَ مُحَمّدًا، ثُمّ يَجْلِسُ فِي بَيْتِهِ وَيَتْرُكُك. قَدْ أَرَادَ مِنْ كَعْبِ بْنِ أَسَدٍ النّصْرَ فَأَبَى كَعْبٌ وَقَالَ:

لَا يَنْقُضُ الْعَهْدَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ وَأَنَا حَيّ. وَإِلّا فَإِنّ ابْنَ أُبَيّ قَدْ وَعَدَ حُلَفَاءَهُ مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ مِثْلَ مَا وَعَدَك حَتّى حَارَبُوا وَنَقَضُوا الْعَهْدَ، وَحَصَرُوا أَنَفْسَهُمْ فِي صَيَاصِيِهِمْ وَانْتَظَرُوا نُصْرَةَ ابْنِ أُبَيّ، فَجَلَسَ فِي بَيْتِهِ وَسَارَ مُحَمّدٌ إلَيْهِمْ، فَحَصَرَهُمْ حَتّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ، فَابْنُ أُبَيّ لَا يَنْصُرُ حُلَفَاءَهُ وَمَنْ كَانَ يَمْنَعُهُ مِنْ النّاسِ كُلّهِمْ، وَنَحْنُ لَمْ نَزَلْ نَضْرِبُهُ بِسُيُوفِنَا مَعَ الْأَوْسِ فِي حَرْبِهِمْ كُلّهَا، إلَى أَنْ تَقَطّعَتْ حَرْبُهُمْ فَقَدِمَ مُحَمّدٌ فَحَجَزَ بَيْنَهُمْ. وَابْنُ أُبَيّ لَا يَهُودِيّ عَلَى دِينِ يَهُودَ، وَلَا عَلَى دِينِ مُحَمّدٍ، وَلَا هُوَ عَلَى دِين قَوْمِهِ، فَكَيْفَ تَقْبَلُ مِنْهُ قَوْلًا قَالَهُ؟ قَالَ حُيَيّ: تَأْبَى نَفْسِي إلّا عَدَاوَةَ مُحَمّدٍ وَإِلّا قِتَالَهُ.

قَالَ سلّام: فهو والله جلاؤنا مِنْ أَرْضِنَا، وَذَهَابُ أَمْوَالِنَا، وَذَهَابُ شَرَفِنَا، أَوْ سِبَاءُ ذَرَارِيّنَا مَعَ قَتْلِ مُقَاتِلِينَا. فَأَبَى حُيَيّ إلّا مُحَارَبَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ سَارُوكُ [ (٢) ] بْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ- وكان ضعيفا عندهم فى عقله


[ (١) ] فى كل النسخ: «إن أصاب، وما أثبتناه أقرب إلى السياق.
[ (٢) ] فى ب: «ساذوك» .