للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِيهِمْ فَأَوْجَعُوا [ (١) ] ، وَقَتَلُوا الْهُنَيْدَ وَابْنَهُ، وَأَغَارُوا عَلَى مَاشِيَتِهِمْ وَنَعَمِهِمْ وَنِسَائِهِمْ، فَأَخَذُوا مِنْ النّعَمِ أَلْفَ بَعِيرٍ، وَمِنْ الشّاءِ خَمْسَةَ آلَافِ شَاةٍ، وَمِنْ السّبْيِ مِائَةً مِنْ النّسَاءِ وَالصّبْيَانِ. وَكَانَ الدّلِيلُ إنّمَا جَاءَ بِهِمْ مِنْ قِبَلِ الْأَوْلَاجِ [ (٢) ] ، فَلَمّا سَمِعَتْ بِذَلِكَ الضّبَيْبُ بِمَا صَنَعَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ رَكِبُوا، فَكَانَ فِيمَنْ رَكِبَ حِبّانُ بْنُ مِلّةَ [ (٣) ] ، وَابْنُهُ، فَدَنَوْا مِنْ الْجَيْشِ وَتَوَاصَوْا لَا يَتَكَلّمُ أَحَدٌ إلّا حِبّانُ بْنُ مِلّةَ [ (٣) ] ، وَكَانَتْ بَيْنَهُمْ عَلَامَةٌ إذَا أَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَضْرِبَ بِسَيْفِهِ قَالَ «قَوَدِي!» فَلَمّا طَلَعُوا عَلَى الْعَسْكَرِ طَلَعُوا عَلَى الدّهْمِ مِنْ السّبْيِ وَالنّعَمِ، وَالنّسَاءِ وَالْأُسَارَى أَقْبَلُوا جَمِيعًا، وَاَلّذِي يَتَكَلّمُ حِبّانُ بْنُ مِلّةَ يَقُولُ:

إنّا قَوْمٌ مُسْلِمُونَ. وَكَانَ أَوّلَ مَنْ لَقِيَهُمْ رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ، عَارِضٌ رُمْحَهُ، فَأَقْبَلَ يَسُوقُهُمْ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: قَوَدِي! فَقَالَ حِبّانُ: مَهْلًا! فَلَمّا وَقَفُوا عَلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ قَالَ لَهُ حِبّانُ: إنّا قَوْمٌ مُسْلِمُونَ. قَالَ لَهُ زَيْدٌ: اقْرَأْ أُمّ الْكِتَابِ! وَكَانَ زَيْدٌ إنّمَا يَمْتَحِنُ أَحَدَهُمْ بِأُمّ الْكِتَابِ لَا يَزِيدُهُ. فَقَرَأَ حِبّانُ، فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ: نَادُوا فِي الْجَيْشِ «إنّهُ قَدْ حَرُمَ عَلَيْنَا مَا أَخَذْنَاهُ مِنْهُمْ بِقِرَاءَةِ أُمّ الْكِتَابِ» . فَرَجَعَ الْقَوْمُ وَنَهَاهُمْ زَيْدٌ أَنْ يَهْبِطُوا وَادِيَهُمْ الّذِي جَاءُوا مِنْهُ، فَأَمْسَوْا فِي أَهْلِيهِمْ، وَهُمْ فِي رَصَدٍ لِزَيْدٍ وَأَصْحَابِهِ، فَاسْتَمَعُوا حَتّى نَامَ أَصْحَابُ زَيْدِ بن حارثة، فلمّا هدأوا وَنَامُوا رَكِبُوا إلَى رِفَاعَةَ بْنِ زَيْدٍ- وَكَانَ فِي الرّكْبِ فِي تِلْكَ اللّيْلَةِ أَبُو زَيْدِ بْنُ عَمْرٍو، وَأَبُو أَسَمَاءَ بْنُ عَمْرٍو، وَسُوَيْدُ بْنُ زَيْدٍ وَأَخُوهُ، وَبَرْذَعُ بْنُ زَيْدٍ، وَثَعْلَبَةُ بن عدىّ- حتى


[ (١) ] أى أكثروا فيهم. (شرح الزرقانى على المواهب اللدنية، ج ٢، ص ١٩١) .
[ (٢) ] الأولاج: جمع ولجة، وهي معطف الوادي. (القاموس المحيط، ج ١، ص ٢١١) .
وهو اسم موضع هنا.
[ (٣) ] هكذا فى الأصل. وفى ابن إسحاق: «حسان بن ملة» ، وقال ابن هشام: «حيان بن ملة» (السيرة النبوية، ج ٤، ص ٢٦١) .