للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَصْحَابِهِ فَقَتَلْنَاهُمْ كُلّهُمْ غَيْرَ رَجُلٍ وَاحِدٍ أَعْجَزَنَا شَدّا، وَلَمْ يُصَبْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَحَدٌ، ثُمّ أَقْبَلْنَا إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ: فَبَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدّثُ أَصْحَابَهُ إذْ قَالَ لَهُمْ: تَمَشّوْا بِنَا إلَى الثّنِيّةِ نَتَحَسّبُ مِنْ أَصْحَابِنَا خَبَرًا. فَخَرَجُوا مَعَهُ، فَلَمّا أَشْرَفُوا عَلَى الثّنِيّةِ فَإِذَا هُمْ بِسَرَعَانِ أَصْحَابِنَا. قَالَ: فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَصْحَابِهِ. قَالَ: وَانْتَهَيْنَا إلَيْهِ فَحَدّثْنَاهُ الْحَدِيثَ، فَقَالَ: نَجّاكُمْ اللهُ مِنْ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ!

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُنَيْسٍ: فَدَنَوْت إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَفَثَ فِي شَجّتِي، فَلَمْ تَقِحْ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَمْ تُؤْذِنِي، وَقَدْ كَانَ الْعَظْمُ فُلّ، وَمَسَحَ عَلَى وَجْهِي وَدَعَا لِي، وَقَطَعَ قِطْعَةً مِنْ عَصَاهُ فَقَالَ: أَمْسِكْ هَذَا مَعَك عَلَامَةً بَيْنِي وَبَيْنَك يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْرِفُك بِهَا، فَإِنّك تَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُتَخَصّرًا [ (١) ] . فَلَمّا دُفِنَ جُعِلَتْ مَعَهُ تَلِي جَسَدَهُ دُونَ ثِيَابِهِ.

فَحَدّثَنِي خَارِجَةُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ عَطِيّةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْت أُصْلِحُ قَوْسِي. قَالَ: فَجِئْت فَوَجَدْت أَصْحَابِي قَدْ وُجّهُوا إلَى أُسَيْرِ بْنِ زَارِمَ. قَالَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا أَرَى أسير ابن زَارِمَ! أَيْ اُقْتُلْهُ.

سَرِيّةٌ أَمِيرُهَا كُرْزُ بْنُ جَابِرٍ

لَمّا أُغِيرَ عَلَى لِقَاحِ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذِي الْجَدْرِ فِي شَوّالٍ سَنَةَ سِتّ، وَهِيَ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَمْيَالٍ مِنْ المدينة [ (٢) ]


[ (١) ] أى يأخذ بيده مخصرة، وهي العصا. (النهاية، ج ١، ص ٢٩٦) .
[ (٢) ] قال ابن سعد: الجدر ناحية قباء قريبا من غير على ستة أميال من المدينة. (الطبقات، ج ٢، ص ٦٧) .