للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلَيْنَا حَتّى نَزْحَفَ إلَى مُحَمّدٍ جَمِيعًا، وَهُمْ يُرِيدُونَك أَوْ بَعْضَ أَطْرَافِك. قَالَ:

فَدَعَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر وَعُمَرَ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمَا، فَذَكَرَ لَهُمَا ذَلِكَ، فَقَالَا جَمِيعًا: ابْعَثْ بَشِيرَ بْنَ سَعْدٍ! فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَشِيرًا فَعَقَدَ لَهُ لِوَاءً، وَبَعَثَ مَعَهُ ثَلَاثَمِائَةِ رَجُلٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسِيرُوا اللّيْلَ وَيَكْمُنُوا النّهَارَ، وَخَرَجَ مَعَهُمْ حُسَيْلُ بْنُ نُوَيْرَةَ دَلِيلًا، فَسَارُوا اللّيْلَ وَكَمَنُوا النّهَارَ حَتّى أَتَوْا أَسْفَلَ خَيْبَرَ فَنَزَلُوا بِسِلَاحٍ [ (١) ] ، ثُمّ خَرَجُوا مِنْ سِلَاحٍ حَتّى دَنَوْا مِنْ الْقَوْمِ، فَقَالَ لَهُمْ الدّلِيلُ: بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الْقَوْمِ ثُلُثَا نَهَارٍ أَوْ نِصْفُهُ، فَإِنْ أَحْبَبْتُمْ كَمَنْتُمْ وَخَرَجْت طَلِيعَةً لَكُمْ حَتّى آتِيَكُمْ بِالْخَبَرِ، وَإِنْ أَحْبَبْتُمْ سِرْنَا جَمِيعًا. قَالُوا: بَلْ نُقَدّمُك. فَقَدّمُوهُ، فَغَابَ عَنْهُمْ سَاعَةً ثُمّ كَرّ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: هَذَا أَوَائِلُ سَرْحِهِمْ فَهَلْ لَكُمْ أَنْ تُغِيرُوا عَلَيْهِمْ؟ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ أَغَرْنَا الْآنَ حَذِرَنَا الرّجَالُ وَالْعَطَنُ. وَقَالَ آخَرُونَ: نَغْنَمُ مَا ظَهَرَ لَنَا ثُمّ نَطْلُبُ الْقَوْمَ. فَشَجُعُوا عَلَى النّعَمِ، فَأَصَابُوا نَعَمًا كَثِيرًا مَلَأُوا مِنْهُ أَيْدِيَهُمْ، وَتَفَرّقَ الرّعَاءُ وَخَرَجُوا سِرَاعًا، ثُمّ حَذِرُوا الْجَمْعَ فَتَفَرّقَ الْجَمْعُ وَحُذِرُوا، وَلَحِقُوا بِعَلْيَاءَ بِلَادِهِمْ، فَخَرَجَ بَشِيرٌ بِأَصْحَابِهِ حَتّى أَتَى مَحَالّهُمْ فَيَجِدُهَا وَلَيْسَ بِهَا أَحَدٌ. فَرَجَعَ بِالنّعَمِ حَتّى إذَا كَانُوا بِسِلَاحٍ رَاجِعِينَ لَقُوا عَيْنًا لِعُيَيْنَةَ فَقَتَلُوهُ، ثُمّ لَقُوا جَمْعَ عُيَيْنَةَ، وَعُيَيْنَةُ لَا يَشْعُرُ بِهِمْ فَنَاوَشُوهُمْ، ثُمّ انْكَشَفَ جَمْعُ عُيَيْنَةَ وَتَبِعَهُمْ أَصْحَابُ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَصَابُوا مِنْهُمْ رَجُلًا أَوْ رَجُلَيْنِ فَأَسَرُوهُمَا أَسْرًا، فَقَدِمُوا بِهِمَا عَلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَا فأرسلهما النبي صلّى الله عليه وسلّم.


[ (١) ] سلاح: موضع أسفل من خيبر. (معجم البلدان، ج ٥، ص ١٠١) . ويقال له أيضا: سلاج بالجيم. (وفاء الوفا، ج ٢، ص ٣٢٣) .