للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أَصْحَابِك، فَإِنّكُمْ إنْ تَخْفِرُوا ذِمّتَكُمْ وَذِمَمَ آبَائِكُمْ خير لكم من أن تحفروا ذِمّةَ اللهِ وَذِمّةَ رَسُولِهِ.

حَدّثَنِي أَبُو صَفْوَانَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: خَرَجَ النّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم مشيّعا لأهل مؤتة حتى بَلَغَ ثَنِيّةَ الْوَدَاعِ، فَوَقَفَ وَوَقَفُوا حَوْلَهُ فَقَالَ: اُغْزُوا بِسْمِ اللهِ، فَقَاتِلُوا عَدُوّ اللهِ وَعَدُوّكُمْ بِالشّامِ، وَسَتَجِدُونَ فِيهَا رِجَالًا فِي الصّوَامِعِ [ (١) ] مُعْتَزِلِينَ لِلنّاسِ، فَلَا تَعْرِضُوا لَهُمْ، وَسَتَجِدُونَ آخَرِينَ لِلشّيْطَانِ، فِي رُءُوسِهِمْ مَفَاحِصَ [ (٢) ] فَاقْلَعُوهَا بِالسّيُوفِ، وَلَا تَقْتُلْنَ امْرَأَةً وَلَا صَغِيرًا مُرْضِعًا وَلَا كَبِيرًا فَانِيًا، لَا تُغْرِقُنّ نَخْلًا وَلَا تَقْطَعْنَ شَجَرًا، وَلَا تَهْدِمُوا بَيْتًا.

حَدّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيّةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ، قَالَ: لَمّا وَدّعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رَوَاحَةَ قَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مُرْنِي بِشَيْءٍ أَحْفَظْهُ عَنْك! قَالَ: إنّك قَادِمٌ غدا بدّا، السّجُودُ بِهِ قَلِيلٌ، فَأَكْثِرْ السّجُودَ. قَالَ عَبْدُ اللهِ: زِدْنِي يَا رَسُولَ اللهِ! قَالَ: اُذْكُرْ اللهَ، فَإِنّهُ عَوْنٌ لَك عَلَى مَا تَطْلُبُ. فَقَامَ مِنْ عِنْدِهِ حَتّى إذَا مَضَى ذَاهِبًا رَجَعَ إلَيْهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إنّ اللهَ وِتْرٌ يُحِبّ الْوِتْرَ! قَالَ: يَا ابْنَ رَوَاحَةَ، مَا عَجَزْت فَلَا تَعْجِزَنّ إنْ أَسَأْت عَشْرًا أَنْ تُحْسِنَ وَاحِدَةً.

فَقَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ: لا أسألك عن شيء بعدها. قال


[ (١) ] الصوامع: جمع صومعة، وهي بيت للنصارى. (القاموس المحيط، ج ٣، ص ٥٢) .
[ (٢) ] فى الأصل: «مفاخر» ، وما أثبتناه عن ح. ومفاحص: جمع مفحص، والمفحص مفعل من الفحص، ومفحص القطاة موضعها الذي تجثم فيه وتبيض، أى أن الشيطان قد استوطن رءوسهم فجعلها له مفاحص كما تستوطن القطا مفاحصها. (النهاية، ج ٣، ص ١٨٥) .