للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مِنْ جَانِبِ الطّرِيقِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهُ أَكْبَرُ! اللهُ أَكْبَرُ! قُلْتُمْ وَاَلّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى: اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ [ (١) ] إنّهَا لِلسّنَنِ، سَنَنِ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ.

حَدّثَنِي ابْنُ أَبِي حَبِيبَةَ، عَنْ داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَتْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ شَجَرَةً عَظِيمَةً، أَهْلُ الْجَاهِلِيّةِ يَذْبَحُونَ بِهَا وَيَعْكُفُونَ عَلَيْهَا يَوْمًا، وَكَانَ مَنْ حَجّ مِنْهُمْ وَضَعَ رِدَاءَهُ عِنْدَهَا، وَيَدْخُلُ بِغَيْرِ رِدَاءٍ تَعْظِيمًا لَهَا، فَلَمّا مَرّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى حُنَيْنٍ قَالَ لَهُ رَهْطٌ. مِنْ أَصْحَابِهِ، فِيهِمْ الْحَارِثُ بْنُ مَالِكٍ: يَا رَسُولَ اللهِ. اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ. فَكَبّرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلّم ثلاثا، وقال: هكذا فَعَلَ قَوْمُ مُوسَى بِمُوسَى.

قَالَ: قَالَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ: لَمّا كُنّا دُونَ أَوْطَاسٍ نَزَلْنَا تَحْتَ شَجَرَةٍ وَنَظَرْنَا إلَى شَجَرَةٍ عَظِيمَةٍ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَهَا، وَعَلّقَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيْفَهُ وَقَوْسَهُ. قَالَ: وَكُنْت مِنْ أَقْرَبِ أَصْحَابِهِ إلَيْهِ. قَالَ: فَمَا أَفْزَعَنِي إلّا صَوْتُهُ: يَا أَبَا بُرْدَةَ! فَقُلْت: لَبّيْكَ! فَأَقْبَلَتْ سَرِيعًا، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ جَالِسٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنّ هَذَا الرّجُلَ جَاءَ وَأَنَا نَائِمٌ، فَسَلّ سَيْفِي ثُمّ قَامَ بِهِ عَلَى رَأْسِي فَفَزِعْت بِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: يَا مُحَمّدُ، مَنْ يُؤَمّنُك مِنّي الْيَوْمَ؟ قُلْت: اللهُ! قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: فَوَثَبْت إلَى سيفي فسللته، فقال


[ (١) ] سورة ٧ الأعراف ١٣٨.