للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قِيلَ: وَمَا الشّدْخَةُ؟ قَالَ: مَا قُتِلَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ- دَخَلُوا تَحْتَهَا، ثُمّ زَحَفُوا بِهَا إلَى جِدَارِ الْحِصْنِ لِيَحْفِرُوهُ، فَأَرْسَلَتْ عَلَيْهِمْ ثَقِيفٌ سِكَكَ الْحَدِيدِ مُحْمَاةً بِالنّارِ فَحَرَقَتْ الدّبّابَةَ، فَخَرَجَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ تَحْتِهَا وَقَدْ أُصِيبَ مِنْهُمْ مَنْ أُصِيبَ، فَرَمَتْهُمْ ثَقِيفٌ بِالنّبْلِ فَقُتِلَ مِنْهُمْ رِجَالٌ.

قَالَ: فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بِقَطْعِ أَعْنَابِهِمْ وَتَحْرِيقِهَا، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ قَطَعَ حَبَلَةً [ (١) ] فَلَهُ حَبَلَةٌ فِي الْجَنّةِ. فَقَالَ عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ لِيَعْلَى بْنِ مُرّةَ الثّقَفِيّ: أَقَطْعُ ذَلِكَ أَجْرِي؟ فَفَعَلَ يَعْلَى بْنُ مُرّةَ، ثُمّ جَاءَهُ فَقَالَ يَعْلَى: نَعَمْ. فَقَالَ عُيَيْنَةُ: لَك النّارُ! فَبَلَغَ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: عُيَيْنَةُ أَوْلَى بِالنّارِ مِنْ يَعْلَى. وَجَعَلَ الْمُسْلِمُونَ يَقْطَعُونَ قَطْعًا ذَرِيعًا.

قَالَ: وَنَادَى عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ سُفْيَانَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الثّقَفِيّ:

وَاَللهِ لَنُقَطّعَنّ أَبَا عِيَالِك. فَقَالَ سُفْيَانُ: إذًا لَا تَذْهَبُونَ بِالْمَاءِ وَالتّرَابِ! فَلَمّا رَأَى الْقَطْعَ نَادَى سُفْيَانُ: يَا مُحَمّدُ، لِمَ تَقْطَعُ أَمْوَالَنَا؟ إمّا أَنْ تَأْخُذَهَا إنْ ظَهَرْت عَلَيْنَا، وَإِمّا أَنْ تَدَعَهَا لِلّهِ وَلِلرّحِمِ كَمَا زَعَمْت! قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَإِنّي أَدَعُهَا لِلّهِ وَلِلرّحِمِ [ (٢) ] .

فَتَرَكَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَحَدّثَ أَبُو وَجْزَةَ السّعْدِيّ قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقْطَعُ كُلّ رَجُلٍ مِنْ أَعْنَابِهِمْ خَمْسَ حَبَلَاتٍ.

فَأَتَى عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ


[ (١) ] الحبلة: من شجر العنب. (النهاية، ج ١، ص ١٩٨) .
[ (٢) ] أى للرحم التي بيني وبينهم، لأن أمه آمنة أمها برة بنت عبد العزى بن قصى، وأم برة هذه أم حبيب بنت أسعد، وأمها برة بنت عوف، وأمها قلابة بنت الحارث، وأم قلابة هند بنت يربوع من ثقيف. (شرح على المواهب اللدنية، ج ٣، ص ٣٧) .