للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أشدّ النّاس تواضعا، ...

الذي يخمد النّفس ويذيبها، ويبطل أنانيّتها، وبه تنقلع شجرة الرياسة والكبر من القلب. فإنّ من شاهد عظيما من الخلق ذا هيئة ومنصب؛ لم يمكنه إلّا الخضوع له، فكيف لمن تتجلّى له عظمة الله تعالى التي لا عظمة تكاد تدانيها؟!! فما تجلّى الله لشيء إلّا خضع له فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً [١٤٣/ الأعراف] .

ولمّا كان لسيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم الحظّ الأوفر من تجلّي نور الشهود كان أعظم الخلق تواضعا، وقد رفع الله ذكره، وأعلى على كلّ قدر قدره. ولم يخلق جاها أعظم من جاهه صلّى الله عليه وسلم!!.

وقد شرح الإمام العارف الشهير ب «زروق» في «قواعده» ما تقدّم من حقيقة خلق التواضع؛ بقوله: التواضع: ترك اعتقاد المزيّة على الغير، ولو كان في أعلى درجات الرفعة. والكبر: اعتقاد المزيّة، ولو كان في أدنى درجات الضعة.

وبالجملة؛ فالتواضع والأدب، والوقوف عند الحدّ، والتأسّي برسول الله صلّى الله عليه وسلم هو ملاك كلّ خير، وسبب كلّ علو وشرف، ومن تواضع لله رفعه الله، سلك الله بنا طريق الخير بمنّه وفضله. آمين؛ انتهى.

(و) صفة (جلوسه) لكونه محتبيّا ومتوقّرا، ومستقبل القبلة ونحو ذلك.

(و) صفة (اتّكائه) على وسادة؛ أو غيرها.

قال الإمام الغزاليّ في «الإحياء» ، والإمام الشعراني في «كشف الغمّة» :

(كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم أشدّ النّاس تواضعا) - بضمّ الضاد المعجمة- قال بعض العارفين: اعلم أنّ العبد لا يبلغ حقيقة التواضع؛ وهو التذلّل والتخشّع إلّا إذا دام

<<  <  ج: ص:  >  >>