للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه، وإذا استعاذ.. جعل ظاهرهما إليه.

وكان صلّى الله عليه وسلّم إذا أصابته شدّة فدعا.. رفع يديه حتّى يرى بياض إبطيه.

نسخة بالإفراد- (إليه، وإذا استعاذ) من شرّ (جعل ظاهرهما إليه) ؛ لدفع ما يتصوّره من مقابلة العذاب والشرّ، فيجعل يديه كالتّرس الواقي عن المكروه، ولما فيه من التفاؤل بردّ البلاء؛ قاله المناوي.

(و) أخرج أبو يعلى بإسناد حسن؛ عن البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه قال:

(كان) رسول الله (صلى الله عليه وسلّم إذا أصابته شدّة) - بالتشديد ك: عدّة- (فدعا) في الصلاة برفع الشّدّة (رفع يديه) حال الدعاء، ففيه أنّه يندب رفع اليدين حال الدعاء، إذ قد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنّه رفع يديه حال الدّعاء في مواطن كثيرة، وعلى ذلك قول بعضهم:

رفع اليدين سنّة حال الدّعا ... فدع لمن يتركه مبتدعا

فخمسة وأربعون أثرا ... فيه أتت عن أحمد خير الورى

فيها الضّعيف والصّحيح والحسن ... فليس من يتركه على سنن «١»

قال المناوي: وحكمة الرفع: اعتياد العرب رفعهما عند الخضوع في المسألة؛ والذّلّة بين يدي المسؤل، وعند استعظام الأمر، والداعي جدير بذلك لتوجّهه بين يدي أعظم العظماء. ومن ثمّ ندب الرفع عند تكبيرة الإحرام، والركوع، والرفع منه، والقيام من التشهد الأول؛ إشعارا بأنه ينبغي أن يستحضر عظمة من هو بين يديه حتى يقبل بكليّته عليه. انتهى.

فكان صلى الله عليه وسلّم يرفع يديه (حتّى يرى) - بالبناء للمجهول- (بياض إبطيه) ؛ أي:

لو كان بلا ثوب لرئي، أو كان ثوبه واسعا فيرى بالفعل، وذكر بعض الشافعية أنّه لم يكن بإبطيه شعر. قال في «المهمات» : وبياض الإبط كان من خواصّه صلى الله عليه وسلّم، وأما


(١) بل ذكر الحافظ السيوطي- رحمه الله تعالى- أن أصل الرفع بلغ حد التواتر، ولا القضايا التي ورد فيها بأعيانها.

<<  <  ج: ص:  >  >>