للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٥٤- «العرق.. دسّاس» .

تعالى: ومخالطة النّاس وتحمّل أذاهم أفضل من اعتزالهم.

قال صلى الله عليه وسلم: «المؤمن الّذي يخالط النّاس ويصبر على أذاهم خير من الّذي لا يخالط النّاس ولا يصبر على أذاهم» . رواه البخاري في «الأدب المفرد» ، وغيره.

وهو- أي: اعتزالهم- أفضل حيث خاف الفتنة في دينه بموافقتهم على ما هم عليه، وعليه يحمل حديث عقبة السّابق: «أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك» .

وحديث البخاري: «يوشك أن يكون خير مال المسلم غنما يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر، يفرّ بدينه من الفتن» . انتهى ملخصا.

والحديث ذكره في «كنوز الحقائق» مرموزا له برمز الدّيلمي في «مسند الفردوس» .

١٥٤- ( «العرق دسّاس» ) ؛ أي: دخّال- بالتّشديد- لأنّه ينزع في خفاء ولطف، يقال: دسست الشّيء إذا أخفيته وأخملته، ومنه وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها (١٠) [الشمس] أي: أخمل نفسه وأبخس حظّها، وقيل: معنى دسّاس: خفيّ قليل، وكل من أخفيته وقلّلته فقد دسسته.

والمعنى: أنّ الرجل إذا تزوّج في منبت صالح يجيء الولد يشبه أهل الزّوجة في العمل والأخلاق ونحوهما، وعكسه بعكسه، فعلى العاقل أن يتخيّر لنطفته ولا يضعها إلّا في أصل أصيل، وعنصر طاهر، فإنّ الولد فيه عرق ينزع إلى أمّه، فهو تابع لها في الأخلاق والطّباع. انتهى مناوي على «الجامع» .

فمن أراد التزوّج بامرأة فلينظر إلى أبيها وأخيها؛ فإنّها تأتيه بأحدهما؛ لأنّ الخلال تتبع الخال، فينبغي التزوّج بأصيلة النّسب؛ تباعدا بأولاده عن المنبت السّوء، وتقدم حديث: «إيّاكم وخضراء الدّمن» . ولله درّ من قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>