للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.........

إنّ الله تعالى لم يبعث نبيا إلّا أخذ عليه العهد في محمد صلّى الله عليه وسلم إن بعث؛ وهو حي:

ليؤمننّ به ولينصرنّه، ويأخذ العهد بذلك.

وأخذ السبكي من الآية: أنّه على تقدير مجيئه في زمانهم مرسل إليهم؛ فتكون نبوّته ورسالته عامّة لجميع الخلق من آدم إلى يوم القيامة. وتكون الأنبياء والأمم كلّهم من أمته. فقوله: «وبعثت إلى النّاس كافّة» يتناول من قبل زمانه أيضا، وبه يتبيّن معنى قوله «كنت نبيّا وآدم بين الرّوح والجسد» ، وكذا حكمة كون الأنبياء تحت لوائه في الآخرة وصلاته بهم ليلة الإسراء.

فأوّل الأشياء على الإطلاق: النور المحمّدي، ثم الماء، ثم العرش، ثم القلم. ولما خلق الله آدم جعل ذلك النور في ظهره؛ فكان يلمع في جبينه، ولما توفي كان ولده شيث وصيّه، فوصّى ولده بما وصّاه به أبوه «أن لا يوضع هذا النور إلّا في المطهّرات من النساء» ، ولم يزل العمل بهذه الوصية إلى أن وصل ذلك إلى عبد الله مطهّرا من سفاح الجاهلية كما أخبر رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن ذلك في عدّة أحاديث. ثم زوّج عبد المطلب ابنه عبد الله بآمنة بنت وهب، وهي يومئذ أفضل امرأة في قريش نسبا وموضعا؛ فدخل بها، وحملت بمحمد صلّى الله عليه وسلم، فظهر في حمله ومولده عجائب تدلّ لما يؤول إليه أمر ظهوره ورسالته.

وقد صح أنّ أمّه صلّى الله عليه وسلم رأت حين وضعته نورا أضاء له قصور الشام، وولد مختونا في قول- عام الفيل، وحكي الاتفاق عليه، والمشهور أنّه بعده بخمسين يوما، وقيل: بأربعين، وقيل: بعشر سنين، وقيل غير ذلك.

ثم الجمهور على أنّه ولد في شهر ربيع الأول، فقيل: ثانيه. وقيل: ثامنه.

وانتصر له كثير من المحدّثين. وقيل: عاشره. وقيل: ثاني عشره وهو المشهور.

وقيل غير ذلك، وذلك في يوم الاثنين- كما صحّ في «مسلم» - عقب الفجر- كما في رواية ضعيفة-

<<  <  ج: ص:  >  >>