للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان صوت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يبلغ حيث لا يبلغه صوت غيره. فعن البراء قال: خطبنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتّى أسمع العواتق في خدورهنّ.

منازل المدينة، وقد أعطى الله نبينا محمّدا صلّى الله عليه وسلم كمال الجلال والجمال من تمام الصباحة؛ فما رآه أحد إلّا هابه، ومن تمام الملاحة؛ فما رآه أحد إلّا أحبّه:

منزّه عن شريك في محاسنه ... فجوهر الحسن فيه غير منقسم

وأما قوله في حديث المعراج في يوسف: «فإذا أنا برجل [أحسن] ما خلق الله، قد فضل النّاس بالحسن، كالقمر ليلة البدر على سائر الكواكب» رواه البيهقي، والطبراني، وابن عائذ!! فيحمل على أن المراد غير النبي صلّى الله عليه وسلم.

ويؤيّده القول بأن المتكلّم لا يدخل في عموم خطابه، وقوله في رواية مسلم:

«فإذا هو قد أعطي شطر الحسن» !! حمله ابن المنيّر على أن المراد أعطي شطر الحسن الذي أوتيه نبينا صلّى الله عليه وسلم.

قال السخاوي في كتاب «الامتنان» : وقد سئل الجلال المحلي رحمه الله تعالى عن حديث (أعطي نبيّنا جميع الحسن. ويوسف شطره) !! فقيل: كيف يكون الشيء الواحد جميعه في شيء ونصفه في آخر!؟ فقال: لم يظهر لي جوابه، وكذا قال ابن حجر رحمهم الله تعالى؛ نقله عنه الشهاب الخفاجي في «شرح الشفاء» .

قال في «المواهب» : (وكان صوت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يبلغ حيث) - أي:

مكانا- (لا يبلغه صوت غيره) ، و «حيث» هنا بمعنى المكان مجرّدة عن الظرفية.

(فعن البراء) - بتخفيف الراء- (قال: خطبنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم) فعلا صوته (حتّى أسمع العواتق) جمع عاتق؛ وهي: الشابّة أوّل ما تدرك. وقيل: التي لم تبن من والديها، ولم تتزوّج؛ وقد أدركت وشبّت، وتجمع أيضا على عتّق؛ كما في «النهاية» . وخصّهنّ بالذّكر!! لبعدهنّ واحتجابهن في البيوت، فسماعهنّ آية علوّ صوته زيادة على غيره (في خدورهنّ) جمع خدر؛ أي: ستر، ويطلق على

<<  <  ج: ص:  >  >>