للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مثله: إنا لله وإنا إليه راجعون. ولو أعطيت الأنبياء لأعطيه يعقوب- عليه الصلاة والسلام- إذ قال: يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ «١» .

[* ومنها: أن الله تعالى رفع عنهم الأصرار]

الذى كان على الأمم قبلهم، قال الله تعالى: وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ «٢» . أى: ويخفف عنهم ما كلفوا به من التكاليف الشاقة، كتعيين القصاص فى العمد والخطأ وقطع الأعضاء الخاطئة، وقطع موضع النجاسة، وقتل النفس فى التوبة. وقد كان الرجل من بنى إسرائيل يذنب الذنب فيصبح قد كتب على باب بيته: إن كفارته أن تنزع عينيك فينزعهما. وأصل الإصر الثقل: الذى بأصر صاحبه، أى يحبسه من الحراك لثقله.

[* ومنها أن الله تعالى أحل لهم كثيرا مما شدد على من قبلهم]

، ولم يجعل عليهم فى الدين من حرج، كما قال تعالى: وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ «٣» . أى ضيق بتكليف ما اشتد القيام به عليهم، إشارة إلى أنه لا مانع لهم عنه ولا عذر لهم فى تركه، يعنى من لم يستطع أن يصلى قائما فليصل قاعدا، وأباح للصائم الفطر فى السفر، والقصر فيه.

وقيل ذلك بأن جعل لهم من كل ذنب مخرجا، وفتح لهم باب التوبة، وشرع لهم الكفارات فى حقوقه تعالى، والأروش «٤» والديات فى حقوق العباد، قاله البيضاوى.

وروى عن ابن عباس أنه قال: الحرج ما كان على بنى إسرائيل من الإصر والشدائد، وضعه الله عن هذه الأمة. وعن كعب، أعطى الله هذه الأمة ثلاثا لم يعطهن إلا الأنبياء: جعلهم شهداء على الناس، وما جعل عليهم فى الدين من حرج، وقال: ادعونى أستجب لكم.


(١) سورة يوسف: ٨٤.
(٢) سورة الأعراف: ١٥٧.
(٣) سورة الحج: ٧٨.
(٤) الأروش: جمع أرش، وهو دية الجراحات، ما ليس لها قدر معلوم، وسمى أرشا: لأنه من أسباب النزاع، والتأريش: التحريش، وهو حمل بعضهم على بعض.