للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البغية والمرام، فرحم الله امرآ اتخذ ليالى شهر مولده المبارك أعيادا، ليكون أشد علة على من فى قلبه مرض وأعيا داء «١» .

ولقد أطنب ابن الحاج «٢» فى «المدخل» فى الإنكار على ما أحدثه الناس من البدع والأهواء والغناء بالآلات المحرمة عند عمل المولد الشريف، فالله يثيبه على قصده الجليل، ويسلك بنا سبيل السنة، فإنه حسبنا ونعم الوكيل.

وقد ذكروا أنه لما ولد- صلى الله عليه وسلم-، قيل: من يكفل هذه الدرة اليتيمة، التى لا يوجد لمثلها قيمة؟ قالت الطيور: نحن نكفله ونغنم خدمته العظيمة، قالت الوحوش: نحن أولى بذلك ننال شرفه وتعظيمه، فنادى لسان القدرة: أن يا جميع المخلوقات: إن الله تعالى قد كتب فى سابق حكمته القديمة أن نبيه الكريم يكون رضيعا لحليمة الحليمة.

قالت حليمة: فيما رواه ابن إسحاق وابن راهواه وأبو يعلى والطبرانى والبيهقى وأبو نعيم: قدمت مكة فى نسوة من بنى سعد بن بكر، نلتمس الرضعاء «٣» فى سنة شهباء «٤» ، فقدمت على أتان «٥» لى ومعى صبى لنا وشارف لنا «٦» ، والله ما تبض بقطرة، وما ننام ليلنا ذلك أجمع مع صبينا ذاك، لا يجد فى ثديى ما يغنيه، ولا فى شارفنا ما يغذيه.

فقدمنا مكة، فو الله ما علمت منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله


(١) قلت: لو كان هذا خيرا كما يقول لسبقنا إليه خير هذه الأمة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم-، ومن اتبعوهم بإحسان إلى يوم الدين، الذين كانوا يسارعون فى الخيرات، ثم إن إثبات هذا الفعل يكون بدليل ولا يوجد، وعامة انظر ما كتبه ابن الحاج فى «المدخل» (٢/ ٣- ٣٣) الذى أشار إليه المصنف بعد قليل.
(٢) هو: الإمام العالم العامل، أبو عبد الله، محمد بن محمد بن محمد العبدرى الفاسى المالكى الشهير بابن الحاج، فقيه، له تاليف نافعة من أجلها كتابه المعروف «بالمدخل» توفى بالقاهرة سنة (٧٣٧ هـ) .
(٣) الرضعاء: جمع رضيع، وهو الطفل فى سن الرضاعة.
(٤) سنة شهباء: يعنى سنة القحط والجدب، لأن الأرض تكون فيها بيضاء.
(٥) الأتان: الأنثى من الحمير.
(٦) الشارف: الناقة المسنة.