للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال سعد للنبى- صلى الله عليه وسلم-: إن أمى توفيت أفأتصدق عنها؟ قال:

«نعم» ، قال: فأى الصدقة أفضل؟ قال: «سقى الماء» «١» .

وفى الموطأ عن عبد الله بن أبى بكر عن عمته أنها حدثته عن جدته:

أنها جعلت على نفسها مشيا إلى مسجد قباء فماتت ولم تقضه، فأفتى عبد الله بن عباس: أنها تمشى عنها.

ومن المفسرين من قال: إن «الإنسان» فى الآية، أبو جهل، ومنهم من قال: عقبة بن أبى معيط، منهم من قال: الوليد بن المغيرة، ومنهم من قال:

إخبار عن شرع من قبلنا، وقد دل شرعنا أن الإنسان له سعيه، وما سعى له، ومنهم من قال: الإنسان بسعيه فى الخير وحسن صحبته وعشرته اكتسب الأصحاب، وأسدى لهم الخير وتودد إليهم فصار ثوابهم له بعد موته من سعيه.

ومنهم من قال «الإنسان» فى الآية للحى دون الميت. ومنهم من قال:

لم ينف فى الآية انتفاع الرجل بسعى غيره له، وإنما نفى ملكه لسعى غيره، وبين الأمرين فرق:

فقال الزمخشرى فى وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى «٢» . فإن قلت:

أما صح فى الأخبار الصدقة عن الميت والحج عنه؟ قلت: فيه جوابان.

أحدهما: أن سعى غيره لما لم ينفعه إلا مبنيا على سعى نفسه، وهو أن يكون مؤمنا مصدقا، كان سعى غيره كأنه سعى نفسه لكونه تبعا له، وقائما مقامه.

والثانى: أن سعى غيره لا ينفعه إذا عمله لنفسه، ولكن إذا نواه له فهو فى حكم الشرع كالنائب عنه، والوكيل القائم مقامه.


(١) حسن: والحديث أخرجه أبو داود (١٦٧٩) فى الزكاة، باب: فى فضل سقى الماء، والنسائى (٦/ ٢٥٤) فى الخيل، باب: الاختلاف على سفيان، وأحمد فى «المسند» (٥/ ٢٨٤) و (٦/ ٧) ، والحديث حسنه الشيخ الألبانى فى «صحيح الجامع» (١١١٣) .
(٢) سورة النجم: ٣٩.