للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كأنه منام، وبأن «الرؤيا» و «الرؤية» واحدة كقربى وقربة، ويشهد له قول ابن عباس فى الآية- كما عند البخارى-: هى رؤيا عين أريها- صلى الله عليه وسلم- ليلة أسرى به «١» . وزاد سعيد بن منصور عن سفيان فى آخر الحديث: وليس رؤيا منام ولم يصرح فى رواية البخارى بالمرئى.

وعند سعيد بن منصور أيضا من طريق أبى مالك قال: هو ما أرى فى طريقه إلى بيت المقدس وهذا مما يستدل به على إطلاق لفظ «الرؤيا» على ما يرى بالعين فى اليقظة. وهو يرد على من خطأ المتنبى. على أنه اختلف المفسرون فى هذه الآية، فقيل: أى الرؤيا التى أريناك ليلة المعراج. قال البيضاوى ففسر الرؤيا بالرؤية. وقيل: رؤيا عام الحديبية، حين رأى أنه دخل مكة فصده المشركون وافتتن بذلك ناس. وقيل: رؤيا وقعة بدر. وسأل ابن النقيب شيخه أبا العباس القرطبى عن الآية فقال: الصحيح أنها رؤية عين يقظة، أراه جبريل مصارع القوم ببدر، فأرى النبى- صلى الله عليه وسلم- الناس مصارعهم التى أراه جبريل، فتسامعت به قريش واستسخروا منه. انتهى.

* واحتج القائلون بأنه رؤيا منام أيضا بقول عائشة: «ما فقدت جسده الشريف» «٢» .

وأجيب: بأن عائشة لم تحدث به عن مشاهدة، لأنها لم تكن إذ ذاك زوجا، ولا فى سن من يضبط، أو لم تكن ولدت بعد على الخلاف فى الإسراء متى كان. وقال التفتازانى: أى ما فقد جسده عن الروح، بل كان مع روحه، وكان المعراج للجسد والروح جميعا. انتهى.

* واحتج القائلون بأنه بالجسد يقظة إلى بيت المقدس، وإلى السماء بالروح، بقوله تعالى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى «٣» ، فجعل المسجد الأقصى غاية الإسراء الذى وقع التعجب


(١) صحيح: والحديث أخرجه البخارى (٣٨٨٨) فى فضائل الصحابة، باب: المعراج.
(٢) لم أقف عليه.
(٣) سورة الإسراء: ١.