للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[النوع الأول فى آيات تتضمن تعظيم قدره ورفعة ذكره وجليل رتبته وعلو درجته على الأنبياء وتشريف منزلته]

قال الله تعالى: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ «١» . قال المفسرون: يعنى موسى- عليه السّلام-، كلمه بلا واسطة، وليس نصّا فى اختصاص موسى- عليه السّلام- بالكلام، فقد ثبت أنه تعالى كلم نبينا- صلى الله عليه وسلم- أيضا كما مر. فإن قلت: إذا ثبت أنه- صلى الله عليه وسلم- كلمه ربه وقام به هذا الوصف، فلم لم يشتق له من الكلام اسم الكليم، كما اشتق لموسى؟

أجيب: بأن اعتبار المعنى قد يكون لتصحيح الاشتقاق كاسم الفاعل فيطرد، بمعنى أن كل من قام به ذلك الوصف يشتق له منه اسم وجوبا، وقد يكون للترجيح فقط، كالكليم والقارورة فلا يطرد، وحينئذ فلا يلزم فى كل من قام به ذلك الوصف أن يشتق له منه اسم، كما حققه القاضى عضد الدين، وهذا ملخصه وتحريره، كما قاله الموسى سعد الدين التفتازانى.

انتهى. وقوله: وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ «٢» يعنى محمدا- صلى الله عليه وسلم- رفعه الله تعالى من ثلاثة أوجه:

بالذات فى المعراج.

وبالسيادة على جميع البشر.

وبالمعجزات لأنه- صلى الله عليه وسلم- أوتى من المعجزات ما لم يؤته نبى قبله.

قال الزمخشرى: وفى هذا الإبهام من تفخيم فضله وإعلاء قدره ما لا يخفى لما فيه من الشهادة على أنه العلم الذى لا يشتبه، والمتميز الذى لا


(١) سورة البقرة: ٢٥٣.
(٢) سورة البقرة: ٢٥٣.