للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدها: أنه يا إنسان، بلغة طىء، وهذا قول ابن عباس والحسن وعكرمة والضحاك وسعيد بن جبير، وقيل: بلغة الحبشة، وقيل: بلغة كلب، وحكى الكلبى أنها بالسريانية.

قال الإمام فخر الدين: وتقريره هو أن تصغير إنسان: أنيسين، وكأنه حذف الصدر منه وأخذ العجز وقال (يس) ، وعلى هذا فيكون الخطاب مع محمد- صلى الله عليه وسلم- ويدل عليه قوله تعالى إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ «١» .

وتعقبه أبو حيان: بأن الذى نقل عن العرب فى تصغير إنسان: أنيسيان- بياء بعدها ألف- فدل على أن أصله: إنسيان، لأن التصغير يرد الأشياء إلى أصولها، لا يعلم أنهم قالوا فى تصغيره أنيسين، وعلى تقدير أنه يصغر كذلك فلا يجوز ذلك إلا أن يا بنى على الضم لأنه منادى مقبل عليه، ومع ذلك فلا يجوز لأنه تحقير، ويمتنع ذلك فى حق النبوة. انتهى.

قال السمين: وهذا الاعتراض الأخير صحيح، فقد نصوا على أن التصغير لا يدخل فى الأسماء المعظمة شرعا، ولذلك يحكى أن ابن قتيبة لما قال فى «المهيمن» إنه مصغر من «مؤمن» والأصل: مؤتمن، فأبدلت الهمزة هاء، قيل له: هذا يقرب من الكفر، فليتق الله قائله، انتهى.

وقيل معنى (يس) يا محمد، قاله ابن الحنفية والضحاك. وقيل: يا رجل، قاله أبو العالية. وقيل: هو اسم من أسماء القرآن، قاله قتادة. وعن أبى بكر الوراق: يا سيد البشر. وعن جعفر الصادق: أنه أراد يا سيد، مخاطبة النبى- صلى الله عليه وسلم- وفيه من تعظيمه وتمجيده ما لا يخفى، وعن طلحة عن ابن عباس: أنه قسم أقسم الله تعالى به، وهو من أسمائه. وعن كعب: أقسم الله به قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفى عام: يا محمد إنك لمن المرسلين. ثم قال: وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٢) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ «٢» وهو رد على الكفار حيث قالوا: لَسْتَ مُرْسَلًا «٣» فأقسم الله تعالى باسمه وكتابه:


(١) سورة يس: ٣.
(٢) سورة يس: ٢، ٣.
(٣) سورة الرعد: ٤٣.