للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأقسم تعالى بما أقسم به من عظيم آياته على تنزيه رسوله وحبيبه وخليله مما غمصته أعداؤه الكفرة به وتكذيبهم له بقوله: ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ «١» وسيعلم أعداؤه المكذبون له أيهم المفتون، هو أو هم؟ وقد علموا هم والعقلاء ذلك فى الدنيا، ويزداد علمهم به فى البرزخ، وينكشف ويظهر كل الظهور فى الآخرة بحيث يتساوى الخلق كلهم فى العلم به. وقال تعالى: وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ» .

ولما رأى العاصى بن وائل السهمى النبى- صلى الله عليه وسلم- يخرج من المسجد وهو يدخل فالتقيا عند باب بنى سهم وتحدثا، وأناس من صناديد قريش جلوس فى المسجد، فلما دخل العاصى قالوا: من ذا الذى كنت تحدث معه، قال:

ذلك الأبتر، يعنى النبى- صلى الله عليه وسلم-، وكان قد توفى ابن لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- من خديجة، فرد الله تعالى عليه، وتولى جوابه بقوله: إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ «٣» أى عدوك ومبغضك هو الذليل الحقير.

ولما قالوا: أَفْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً «٤» قال الله تعالى: بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ «٥» . ولما قالوا: لَسْتَ مُرْسَلًا «٦» أجاب الله تعالى عنه فقال: يس (١) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٢) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ «٧» . ولما قالوا: أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ «٨» رد الله تعالى عليهم فقال: بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ «٩» فصدقه ثم ذكر


(١) سورة القلم: ٢.
(٢) سورة التكوير: ٢٢.
(٣) سورة الكوثر: ٣.
(٤) سورة سبأ: ٨.
(٥) سورة سبأ: ٨.
(٦) سورة الرعد: ٤٣.
(٧) سورة يس: ١- ٣.
(٨) سورة الصافات: ٣٦.
(٩) سورة الصافات: ٣٧.