للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وآل محمد بالصلاة عليهم مثل ما حصل لإبراهيم وآل إبراهيم، ويؤيد ذلك ختم الطلب المذكور بقوله (فى العالمين) أى كما أظهرت الصلاة على إبراهيم وعلى آل إبراهيم فى العالمين، ولهذا لم يقع (فى العالمين) إلا فى ذكر إبراهيم دون ذكر آل محمد على ما وقع فى الحديث الذى وردت فيه، وهو حديث أبى مسعود الأنصارى الذى ذكرته.

وهذا معنى قول الطيبى: وليس التشبيه المذكور من باب إلحاق الناقص بالكامل، لكن من باب إلحاق ما لم يشتهر بما اشتهر. وقال النووى: أحسن الأجوبة ما نسب إلى الشافعى: أن التشبيه لأصل الصلاة أو للمجموع بالمجموع.

وقال ابن القيم- بعد أن زيف أكثر الأجوبة إلا تشبيه المجموع بالمجموع-: وأحسن منه أن يقال: هو- صلى الله عليه وسلم- من آل إبراهيم، وقد ثبت ذلك عن ابن عباس فى تفسير قوله: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ «١» قال: محمد من آل إبراهيم، فكأنه أمرنا أن نصلى على محمد وعلى آل محمد خصوصا بقدر ما صلينا عليه مع إبراهيم وآل إبراهيم عموما، فيحصل لآله ما يليق بهم، ويبقى الباقى كله له، وذلك القدر أزيد مما لغيره من آل إبراهيم. وتظهر حينئذ فائدة التشبيه، وأن المطلوب له بهذا اللفظ أفضل من المطلوب بغيره من الألفاظ.

وقال الحليمى: سبب هذا التشبيه أن الملائكة قالت فى بيت إبراهيم:

رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ «٢» وقد علم أن محمدا وآل محمد من أهل بيت إبراهيم، فكأنه قال: قولوا اللهم أجب دعاء الملائكة الذين قالوا ذلك فى محمد وآل محمد كما أجبتها عندما قالوها فى آل إبراهيم الموجودين حينئذ، ولذلك ختم بما ختم به الآية وهو قوله إنك حميد مجيد.


(١) سورة آل عمران: ٣٣.
(٢) سورة هود: ٧٣.