للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاعتقادات الباطلة: وأشدها فسادا الاعتقادات الفاسدة فى الإلهية والنبوات والمعاد والقضاء والقدر، والقرآن مشتمل على دلائل المذهب الحق فى هذه المطالب، وإبطال المذاهب الباطلة. ولما كان أقوى الأمراض الروحانية هو الخطأ فى هذه المطالب، والقرآن مشتمل على الدلائل الكاشفة فى هذه المذاهب الباطلة من العيوب لا جرم كان القرآن شفاء من هذا النوع من المرض الروحانى.

وأما الأخلاق المذمومة فالقرآن مشتمل على تفصيلها وتعريفها وما فيها من المفاسد، والإرشاد إلى الأخلاق الفاضلة والأعمال المحمودة، فكان القرآن شفاء من هذا النوع من المرض. فثبت أن القرآن شفاء من جميع الأمراض الروحانية.

وأما كونه شفاء من الأمراض الجسمانية، فلأن التبرك بقراءته ينفع كثيرا من الأمراض. وإذا اعتبر الجمهور من الفلاسفة وأصحاب الطلسمات بأن لقراءة الرقى المجهولة والعزائم التى لا يفهم منها شئ آثارا عظيمة فى تحصيل المنافع ودفع المفاسد، أفلا تكون قراءة القرآن العظيم المشتمل على ذكر جلال الله تعالى وكبريائه، وتعظيم الملائكة المقربين، وتحقير المردة والشياطين سببا لحصول النفع فى الدين والدنيا.

ويتأيد ما ذكرناه بما روى أن النبى- صلى الله عليه وسلم- قال: «من لم يستشف بالقرآن فلا شفاه الله» «١» ونقل عن الشيخ أبى القاسم القشيرى- رحمه الله- أن ولده مرض مرضا شديدا حتى أشرف على الموت، فاشتد عليه الأمر، قال: فرأيت النبى- صلى الله عليه وسلم- فى المنام فشكوت إليه ما بولدى فقال: أين أنت من آيات الشفاء؟ فانتبهت فأفكرت فيها فإذا هى فى ستة مواضع من كتاب الله، وهى قوله تعالى:

وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ «٢» .


(١) ضعيف: أخرجه الدار قطنى فى «الأفراد» عن أبى هريرة، كما فى «كنز العمال» (٢٨١٠٦) .
(٢) سورة التوبة: ١٤.