للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أبلغ علاج المصاب وأنفعه له فى عاجلته وآجلته، فإنها تتضمن أصلين عظيمين، إذا تحقق العبد بمعرفتهما تسلى عن المصيبة:

أحدهما: أن العبد وأهله وماله ملك لله عز وجل حقيقة، وقد جعله الله عند العبد عارية، فإذا أخذه منه فهو كالمعير يأخذ متاعه من المستعير.

الثانى: أن مصير العبد ومرجعه إلى الله [مولاه الحق] ، ولا بد أن يخلف الدنيا وراء ظهره، ويجئ ربه فردا كما خلقه أول مرة بلا أهل ولا مال ولا عشيرة، ولكن بالحسنات والسيئات، فإذا كانت هذه بداية العبد ونهايته فكيف يفرح بموجود، أو يأسى على مفقود، ففكره فى مبدئه ومعاده من أعظم علاج هذا الداء.

قال: ومن علاجه أن يطفئ نار مصيبته ببرد التأسى بأهل المصائب، وأنه لو فتش العالم لم ير فيه إلا مبتلى إما بفوات محبوب أو حصول مكروه، وإن سرور «١» الدنيا أحلام نوم، أو ظل زائل، إن أضحكت قليلا أبكت كثيرا، وإن سرت يوما أساءت دهرا، وإن متعت قليلا منعت طويلا، وما ملأت دارا حبرة «٢» إلا ملأتها عبرة، ولا سرته بيوم سرور، إلا خبأت له يوم شرور.

قال ابن مسعود: لكل فرحة ترحة، وما ملئ بيت فرحا إلا ملئ ترحا.

[ذكر طبه ص من داء الهم والكرب بدواء التوجه إلى الرب:]

عن ابن عباس أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يقول عند الكرب: «لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب العرش الكريم» «٣» . وقوله «عند الكرب» أى عند حلول الكرب. وعند مسلم: كان يدعو بهن ويقولهن عند الكرب. وعنده أيضا:


(١) فى مطبوع «زاد المعاد» (٤/ ١٩٠) (شرور) وهى هنا أصوب.
(٢) فى مطبوع «زاد المعاد» (٤/ ١٩٠) (خيرة) وهى هنا أصوب.
(٣) صحيح: أخرجه البخارى (٦٣٤٥ و ٦٣٤٦) فى الدعوات، باب: الدعاء عند الكرب، ومسلم (٢٧٣٠) فى الذكر والدعاء، باب: دعاء الكرب.