للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر طبه ص بالحمية:]

وهى قسمان: حمية عما يجلب المرض، وحمية عما يزيده فيقف على حاله.

فالأولى: حمية الأصحاء.

والثانية: حمية المرضى، فإن المريض إذا احتمى وقف مرضه عن التزايد، وأخذت القوى فى دفعه.

والأصل فى الحمية قوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ إلى قوله: فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً «١» فحمى المريض من استعمال الماء لأنه يضره، كما وقعت الإشارة لذلك فى أوائل هذا المقصد.

وقد قال بعض أفاضل الأطباء: رأس الطب الحمية. والحمية للصحيح عندهم فى المضرة بمنزلة التخليط للمريض والناقه، وأنفع ما تكون الحمية للناقه من المرض، لأن التخليط يوجب الانتكاس والانتكاس أصعب من ابتداء المرض. والفاكهة تضر الناقه من المرض، لسرعة استحالتها وضعف الطبيعة عن دفعها لعدم القوة، وفى سنن ابن ماجه عن صهيب قال: قدمت على النبى- صلى الله عليه وسلم- وبين يديه خبز وتمر، فقال: «ادن وكل» فأخذت تمرا فأكلت، فقال: «أتأكل تمرا وبك رمد؟» فقلت يا رسول الله أمضغ من الناحية الآخرى، فتبسم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «٢» . ففيه الإشارة إلى الحمية وعدم التخليط، وأن الرمد يضر به التمر.

وعن أم المنذر بنت قيس الأنصارية قالت: دخل على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ومعه على، وهو ناقه من مرض، ولنا دوال معلقة، فقام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يأكل منها، وقام على يأكل منها، فطفق النبى- صلى الله عليه وسلم- يقول لعلى: «إنك ناقه» حتى كف. قالت: وصنعت شعيرا وسلقا فجئت به فقال- صلى الله عليه وسلم- لعلى: «من هذا أصب فإنه أنفع لك» «٣» رواه ابن ماجه.


(١) سورة النساء: ٤٣.
(٢) حسن: وقد تقدم.
(٣) حسن: أخرجه أبو داود (٣٨٥٦) فى الطب، باب: فى الحمية، والترمذى (٢٠٣٧) فى الطب، باب: ما جاء فى الحمية، وابن ماجه (٣٤٤٢) فى الطب، باب: الحمية، وأحمد فى «المسند» (٦/ ٣٦٣ و ٣٦٤) ، والحديث حسنه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن أبى داود» .