للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما منعه- صلى الله عليه وسلم- من أكله من الدوالى لأن فى الفاكهة نوع ثقل على المعدة، ولم يمنعه من السلق والشعير لأنه من أنفع الأغذية للناقه، ففى ماء الشعير التغذية والتلطيف والتليين وتقوية الطبيعة. فالحمية من أكبر الأدوية للناقه قبل زوال الداء، لكى يمتنع تزايده وانتشاره.

قال ابن القيم: ومما ينبغى أن يعلم أن كثيرا مما يحمى عنه العليل والناقه والصحيح إذا اشتدت الشهوة إليه، ومالت إليه الطبيعة، فتناول منه الشئ اليسير الذى لا تعجز الطبيعة عن هضمه لم يضره تناوله، بل ربما انتفع به، فإن الطبيعة والمعدة يتلقيانه بالقبول والمحبة، فيصلحان ما يخشى من ضرره، وقد يكون أنفع من تناوله ما تكرهه الطبيعة وتدفعه من الدواء. ولهذا أقر النبى- صلى الله عليه وسلم- صهيبا وهو أرمد على تناول التمرات اليسيرة وعلم أنها لا تضره. ففى هذا الحديث- يعنى حديث صهيب- سر طبى لطيف، فإن المريض إذا تناول ما يشتهيه عن جوع صادق وكان فيه ضرر ما، كان أنفع وأقل ضررا مما لا يشتهيه عن جوع صادق وإن كان نافعا فى نفسه. فإن صدق شهوته ومحبة الطبيعة له تدفع ضرره، وكذلك بالعكس.

[ذكر حمية المريض من الماء:]

عن قتادة بن النعمان أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا أحب الله العبد حماه الدنيا كما يظل أحدكم يحمى سقيمه الماء» «١» . قال الترمذى حديث حسن غريب.

وروى الحميدى مرفوعا: «لو أن الناس أقلوا من شرب الماء لاستقامت أبدانهم» .

وللطبرانى فى الأوسط عن أبى سعيد مرفوعا: «من شرب الماء على الريق انتقصت قوته» وفيه محمد بن مخلد الرعينى، وهو ضعيف.


(١) صحيح: أخرجه الترمذى (٢٠٣٦) فى الطب، باب: ما جاء فى الحمية، والحاكم فى «المستدرك» (٤/ ٣٤٤) وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وهو كما قال.