للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأجيب: بأنه لم يرد أنها نبوة باقية، وإنما أراد أنها أشبهت النبوة من جهة الاطلاع على بعض الغيب لا ينبغى أن تكلم فيها بغير علم، فليس المراد أن الرؤيا الصالحة نبوة، لأن المراد تشبيه الرؤية بالنبوة، وجزء الشئ لا يستلزم ثبوت وصفه، كمن قال: أشهد أن لا إله إلا الله رافعا صوته لا يسمى مؤذنا، وفى حديث أم كرز الكعبية عند أحمد وصححه ابن خزيمة وابن حبان: «ذهبت النبوة وبقيت المبشرات» «١» . وعند أحمد من حديث عائشة مرفوعا: «لم يبق بعدى من المبشرات إلا الرؤيا» «٢» وفى حديث ابن عباس عند مسلم وأبى داود: أنه- صلى الله عليه وسلم- كشف الستارة ورأسه معصوب فى مرضه الذى مات فيه، والناس صفوف خلف أبى بكر فقال: «يا أيها الناس إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم، أو ترى له» «٣» ، والتعبير بالمبشرات خرج مخرج الغالب، فإن من الرؤيا ما تكون منذرة وهى صادقة يريها الله للمؤمن رفقا به ليستعد لما يقع قبل وقوعه.

وقوله: «من الرجل الصالح» لا مفهوم له، فإن المرأة الصالحة كذلك، وحكى ابن بطال الاتفاق عليه. وقوله: «جزء من ستة وأربعين جزآ من النبوة» كذا فى أكثر الأحاديث. وروى مسلم من حديث أبى هريرة «جزء من خمسة وأربعين جزآ من النبوة» «٤» ، وعنده أيضا من حديث ابن عمر «جزء من سبعين جزآ» «٥» ، وعند الطبرانى: «جزء من ستة وسبعين» «٦» ، وسنده


(١) صحيح: أخرجه ابن ماجه (٣٨٩٦) فى تعبير الرؤيا، باب: الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له، وأحمد فى «المسند» (٦/ ٣٨١) ، وابن حبان فى «صحيحه» (٦٠٤٧) ، ولم أجده فى الجزء المطبوع من صحيح ابن خزيمة، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن ابن ماجه» .
(٢) صحيح: أخرجه أحمد فى «المسند» (٦/ ٨٢٩) بسند صحيح.
(٣) صحيح: أخرجه مسلم (٤٧٩) فى الصلاة، باب: النهى عن قراءة القرآن فى الركوع والسجود، وأبو داود (٨٧٦) فى الصلاة، باب: فى الدعاء فى الركوع والسجود.
(٤) صحيح: أخرجه مسلم (٢٢٦٣) (٦) فى الرؤيا.
(٥) صحيح: أخرجه مسلم (٢٢٦٥) فى الرؤيا.
(٦) ضعيف: أخرجه الطبرانى فى «الكبير» (١٠/ ٢٢٣) ، من حديث ابن مسعود- رضى الله عنه-، بسند فيه الركين، هو: الربيع بن سهل الفزارى، ضعيف الحديث.