للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نبى يرى ما لا يرى الناس حوله ... ويتلو كتاب الله فى كل مشهد

فإن قال فى يوم مقالة غائب ... فتصديقها فى ضحوة اليوم أو غد

وهذا الفصل ينقسم قسمين:

الأول: فيما أخبر به- صلى الله عليه وسلم- مما نطق به القرآن. من ذلك: فى قوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ إلى قوله: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا «١» فقوله وَلَنْ تَفْعَلُوا إخبار عن غيب تقضى العادة بخلافه.

ومن ذلك: قوله تعالى: وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ «٢» الآية، فإنه قد كان لقريش قافلتان: إحداهما ذات غنيمة دون الآخرى، فأخبر الله تعالى عما فى ضمائرهم، وأنجز ما وعد، ولا شك أن الوعد كان قبل اللقاء، لأن الوعد بالشئ بعد وقوعه غير جائز.

ومن ذلك: قوله تعالى: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ»

، وهذا إخبار عن المستقبل، لأن «السين» بمعنى الاستقبال، يعنى كفار قريش يوم بدر، وقد كان عددهم ما بين التسعمائة إلى الألف، وكانوا مستعدين بالمال والسلاح، وكان عدد المسلمين ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، وليس معهم إلا فرسان، إحداهما للزبير بن العوام، والآخرى للمقداد، فهزم الله المشركين ومكن المسلمين من قتل أبطالهم واغتنام أموالهم.

ومن ذلك: قوله تعالى فى كفار قريش سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِما أَشْرَكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً «٤» ، يريد ما قذف الله فى قلوبهم من الخوف يوم أحد حتى تركوا القتال ورجعوا من غير سبب، ونادى أبو سفيان: يا محمد موعدنا موسم بدر القابل إن شئت، فقال- صلى الله عليه وسلم-: «إن


(١) سورة البقرة: ٢٣، ٢٤.
(٢) سورة الأنفال: ٧.
(٣) سورة القمر: ٤٥.
(٤) سورة آل عمران: ١٥١.