للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا توجد الماهية بأقل منها، وهذا مختار الإمام «١» مع نقله له على الأقلين، ورجحه الآمدى وابن الحاجب وغيرهما.

الثانى: أنه يفيد التكرار مطلقا، كما ذهب إليه الأستاذ أبو إسحاق الإسفراينى وأبو حاتم القزوينى، فإن عيّن للتكرار أمدا استوعبه، وإلا استوعب زمان العمر، لكن بحسب الإمكان، فلا يستوعب زمن قضاء الحاجة والنوم وغيرهما من الضروريات.

الثالث: أنه يدل على المرة، حكاه الشيخ أبو إسحاق فى شرح «اللمع» عن أكثر أصحابنا وأبى حنيفة وغيرهم. وإن علق بشرط أو صفة اقتضى التكرار بحسب تكرار المعلق به، نحو وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا «٢» والزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ «٣» ، انتهى ملخصا من شرح العلامة أبى الحسن الأشمونى لنظمه جمع الجوامع للعلامة ابن السبكى.

وقد روى جبير بن نفير «٤» مرسلا أن النبى- صلى الله عليه وسلم- قال: «ما أوحى إلىّ أن أجمع المال وأكون من التاجرين، ولكن أوحى إلى أن سبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين» «٥» . رواه البغوى فى شرح السنة وأبو نعيم فى الحلية عن أبى مسلم الخولانى «٦» . وقد أمر الله نبيه- صلى الله عليه وسلم- فى هذه الآية بأربعة أشياء: التسبيح والتحميد والسجود والعبادة.

واختلف العلماء فى أنه كيف صار الإقبال على مثل هذه الطاعات سببا لزوال ضيق القلب والحزن.


(١) يقصد إمام الحرمين، الإمام الجوينى- رحمه الله-.
(٢) سورة المائدة: ٦.
(٣) سورة النور: ٢.
(٤) ممن أسلم قديما، إلا أنه لم يهاجر إلا فى زمن عمر بن الخطاب، ولذلك فروايته عن النبى- صلى الله عليه وسلم- مرسلا، لأنها لا تكون إلا بواسطة.
(٥) أخرجه الحاكم فى تاريخه، عن أبى ذر، كما فى «كنز العمال» (٦٣٧٤) .
(٦) كالذى قبله، أسلم قديما، إلا أنه لم يدرك زمن النبى- صلى الله عليه وسلم-، حيث أنه لما رحل إليه، وجده قد مات، فعلى ذلك فحديثه مرسل أيضا.