للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والركوع والسجود، والتسبيح فى الركوع، والدعاء فى السجود، إلى غير ذلك. فهى مجموع عبادات عديدة، لأن الذكر بمجرده عبادة، والقراءة بمجردها عبادة وكذا كل فرد فرد.

وقد أمر الله تعالى نبيه بالصلاة فى قوله سبحانه: اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ «١» ، وقال تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها «٢» .

وفى ذلك- كما نبه عليه صاحب كتاب التنوير «٣» : أمدنا الله بمدده- إشارة إلى أن فى الصلاة تكليفا للنفوس شاقّا عليها، لأنها تأتى فى أوقات ملاذّ العباد وأشغالهم، فيطالبون بالخروج عن ذلك كله إلى القيام بين يديه، والفراغ مما سوى الله تعالى، فلذلك قال تعالى: وَاصْطَبِرْ عَلَيْها «٤» .

قال: ومما يدل على أن فى القيام بالصلاة تكاليف العبودية وأن القيام بها على خلاف ما تقتضيه البشرية، قوله تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ «٥» . فجعل الصبر والصلاة مقترنين إشارة إلى أنه يحتاج فى الصلاة إلى الصبر، صبر على ملازمة أوقاتها، وصبر على القيام بمسنوناتها وواجباتها، وصبر يمنع القلوب فيها من غفلاتها، ولذلك قال تعالى بعد ذلك: وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ «٦» فأفرد الصلاة بالذكر ولم يفرد الصبر، إذ لو كان كذلك لقال: وإنه لكبير، فذلك يدل على ما قلنا، أو لأن الصبر والصلاة مقترنان متلازمان، فكان أحدهما هو عين الآخر، كما قال تعالى فى الآية الآخرى: وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ «٧» . انتهى ملخصا.

ثم إن الكلام فيها ينقسم إلى خمسة أقسام:


(١) سورة العنكبوت: ٤٥.
(٢) سورة طه: ١٣٢.
(٣) هو: كتاب «التنوير فى إسقاط التدبير» لابن عطاء الله الإسكندرانى المتوفى سنة (٧٠٩ هـ) . انظر كشف الظنون لحاجى خليفة (١/ ٥٠٢) .
(٤) سورة طه: ١٣٢.
(٥) سورة البقرة: ٤٥.
(٦) سورة البقرة: ٤٥.
(٧) سورة التوبة: ٦٢.